للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتري ذلك الكتاب. فحينما اختصر - مثلًا - كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لعز الدين بن الأثير المتوفى سنة ٦٣٥ هـ زاده من عدة تواريخ منها: "تاريخ الصحابة الذين نزلوا حمص" لأبي القاسم عبد الصمد بن سعيد الحمصي المتوفى سنة ٣٢٤ هـ، و"مسند" الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة ٢٤١ هـ، و"مسند" بقي بن مخلد المتوفى سنة ٢٧٦ هـ، و"طبقات" ابن سعد المتوفى سنة ٢٣٠ هـ، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر المتوفى سنة ٥٧١ هـ، ومن كتابات ابن سيد الناس المتوفى سنة ٧٣٤ هـ (١). وقال سبط ابن حجر عند كلامه على اختصار الذهبي لمعجم شيوخ الأئمة النبل لابن عساكر المتوفى سنة ٥٧١ هـ: "زاده فوائد ومحاسن" (٢).

ويجد الباحث في مختصرات الذهبي تعليقاتٍ نفيسة، من ذلك - مثلًا - ما

عمله في كتاب "الكاشف" الذي اختصره من "تهذيب الكمال" لأبي الحجاج المزي المتوفى سنة ٧٤٢ هـ، فعلى الرغم من محافظة الذهبي على روح النص الأصلي، فقد بَثَّ فيه من روحه ونشر فيه من علمه ما جعله يكاد يكون مؤلفًا من تآليفه مخالفًا للأصل المختصر منه في كثيرٍ من الأمور، وآيةُ ذلك أنه عَلَّقَ على آراء بعض أئمة الجرح والتعديل فيه تعديلا أو إبطالًا، كما حقق كثيرًا من التراجم وزادها تدقيقًا لا نجده في الأصل. فضلًا عن بيان رأيه في كثير من الرواة على أسس من دراساته الواسعة وخبرته العميقة بعلم الحديث النبوي الشريف مما حدا بتاج الدين السبكي أن يَصِفَ هذا المختصر بأنه "كتاب نفيس" (٣).

وتظهر براعة الذهبي في النقد والتحقيق في كثير من هذه المختصرات، فمن ذلك - مثلًا - ما ظهر في مختصره لكتاب "المستدرك على الصحيحين" لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة ٤٠٥ هـ الذي قصد فيه مؤلفه أن يورد أحاديث على شرط البخاري ومسلم مما لم يذكراه في صحيحيهما، حيث يتبين لنا من مطالعة المختصر وتعليقات الذهبي عليه وتخريجاته يدل على ذلك


(١) انظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ص ٢١٨.
(٢) رونق الألفاظ، الورقة ١٨٠.
(٣) طبقات الشافعية، ج ٩ ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>