وقل لهم إن أضمروا عودةً لأخذ ثأرٍ أو لعقدٍ صحيح دار ابن لُقمان على حالها والقيد باقٍ والطُّواشي صبيح وكان هذا النصر العزيز في أول يوم من السنة. وبقي الفرنسيس في الاعتقال إلى أن قتل السلطان الملك المعظم ابن الصالح، فدخل حسام الدين بن أبي علي في قضيته على أن يسلم إلى المسلمين دمياط ويحمل خمسمائة ألف دينار، فأركبوه بغلةً وساقت معه الجيوش إلى دمياط، فما وصلوا إلا والمسلمون على أعلاها بالتهليل والتكبير، والفرنج الذين بها قد هربوا إلى المراكب وأخلوها.
فخاف الفرنسيس واصفر لونه، فقال الأمير حسام الدين: هذه دمياط قد حصلت لنا، وهذا الرجل في أسرنا وهو عظيم النصرانية وقد اطلع على عوراتنا، والمصلحة أن لا نطلقه.
وكان قد تسلطن الملك المعز أيبك الصالحي، فقال: ما أرى الغدر! وأمر به فركب في البحر الرومي في شيني. وذكر حسام الدين أنه سأله عن عدة العسكر الذين قدم بهم، فقال: كان معي تسعة آلاف وخمسمائة فارس، ومائة ألف وثلاثون ألف طقشي، سوى الغلمان والسوقية والبحارة.
وقال سعد الدين في تاريخه: اتفقوا على أن يسلم الإفرنسيس دمياط، وأن يعطي هو والكنود ثمانمائة ألف دينار عوضاً عما كان بدمياط من الحواصل، ويطلقوا أسرى المسلمين. فحلفوا على هذا، وركب العسكر ثاني صفر، وسقنا وقفنا حول دمياط إلى قريب الظهر. ودخل الناس إليها ونهبوا وقتلوا من بقي من الفرنج، فضربتهم الأمراء وأخرجوهم، وقوموا الحواصل التي بقيت بها بأربعمائة ألف دينار، وأخذوا من الملك الإفرنسيس أربعمائة ألف دينار.
وأطلقوه العصر هو وجماعته، فانحدروا في شيني إلى البطس، وأنفذ رسولاً إلى الأمراء يقول: ما رأيت أقل عقلا ولا دينا منكم؛ أما قلة الدين فقتلتم سلطانكم، وأما قلة العقل فكون مثلي ملك البحر وقع في أيديكم بعتموه بأربعمائة ألف دينار، ولو طلبتم مملكتي دفعتها لكم حتى أخلص.
وجاء إلى دمشق كتاب الملك المعظم، وفيه: ولما كان يوم أول السنة