فلما رأى العدو ذلك طلب الصلح على ما كان أيام الكامل فأبينا، فلما كان الليل تركوا خيامهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين. وطلبنا وما زال السيف يعمل في أقفيتهم عامة الليل وإلى النهار، فقتلنا منهم ثلاثين ألفاً، غير من ألقى نفسه في اللجج. وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حرج.
وطلب الفرنسيس الأمان فأمناه وأخذناه وأكرمناه، وتسلمنا دمياط. وأرسل المعظم إلى نائب دمشق ابن يغمور بغفارة الإفرنسيس فلبسها، وهي سقرلاط أحمر بفرو سنجاب، فكتب إلى السلطان بيتين لابن إسرائيل: أسيِّد أملاك الزّمان بأسرهمُ تنجّزت من نصر الله وُعوده فلا زال مولانا يبيح حمى العدى ويُلبسُ أسلاب الملوك عبيده وفيها وصل الملك السعيد ابن الملك العزيز صاحب بانياس، والصبيبة من مصر، وحبس بعزتا.
وفي الثامن والعشرين من المحرم قتلوا السلطان الملك المعظم، وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ورجعوا إلى القاهرة، وكاتبوا أمراء الشام.
قال سعد الدين: جاء الترك إلى دهليز السلطان وحلفوا لشجر الدر ولنائبها الأمير عز الدين التركماني. وفي صفر سرعت الست شجر الدر في الخلع للأمراء، وأعطتهم الذهب والخيل. وأطلقوا خمسمائة أسير من الفرنج، فيهم مائة فارس.
وفي أول ربيع الأول دفعوا خبز فخر الدين ابن الشيخ، وزيادة ثلاثة وضياع للفارس أقطاي الجمدار، وجردوا عشرة أمراء إلى غزة مقدمهم خاص ترك الكبير، ونفوا أولاد الناصر داود. وفي ربيع الآخر خرج عسكر مصر جميعه لأجل حركة الحلبيين.
قلت: فسار الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب بمن معه من الملوك والعساكر لأخذ البلاد والانتقام ممن قتل السلطان.