الكوسات والطبول، وفي البر الشرقي أطلاب العساكر سائرة منصورة، والبر الغربي فيه العربان والعوام في لهو وسرور بهذا الفتح العظيم، والأسرى تقاد في الحبال.
فذكر سعد الدين في تاريخه أن الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص على خيل سبق أو في حراقة، لكنه أقام في الساقة يحمي أصحابه، وكان في الأسرى ملوك وكنود.
وأُحصي عدة الأسرى فكانوا نيفاً وعشرين ألف آدمي، والذي غرق وقتل سبعة آلاف نفس، فرأيت القتلى وقد ستروا وجه الأرض من كثرتهم. وكان الفارس العظيم يأتيه وشاقي يسوقه وراءه كأذل ما يكون، وكان يوماً لم يشاهد المسلمون ولا سمعوا بمثله، ولم يقتل في ذلك اليوم من المسلمين مائة نفس.
ونفذ الملك المعظم للفرنسيس وللملوك والكنود خلعاً، وكانوا نيفاً وخمسين، فلبس الكل سواه وقال: أنا بلادي بقدر بلاد صاحب مصر كيف ألبس خلعته؟ وعمل من الغد دعوةً عظيمة، فامتنع الملعون أيضاً من حضورها، وقال: أنا ما آكل طعاما، وما يحضرني إلا ليهزأ بي عسكره، ولا سبيل إلى هذا. وكان عنده عقل وثبات ودين، فهم كانوا يعتقدون فيه. وكان حسن الخلقة. وانتقى المعظم الأسرى فأخذ أصحاب الصنائع، ثم أمر بضرب أعناق الجميع.
وقال غيره: ثم حبسوا الإفرنسيس بالمنصورة بدار الطواشي صبيح مكرماً غاية الكرامة. وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين ابن مطروح: قُل للفرنسيس إذا جئته مقال صدقٍ من قؤولٍ فصيح أتيت مصر تبتغي ملكها تحسب أنّ الزّمر بالطّبل ريح فساقك الحينُ إلى أدهم ضاق به عن ناظريك الفسيح وكلّ أصحابك أودعتهم بحسن تدبيرك بطن الضّريح تسعين ألفاً لا ترى منهم إلا قتيلاً أو أسيراً جريح