للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تركا ولا ديلما، فإن خالفنا إخواننا من أهل المصر، فإما أن نكون أصبنا وأخطأوا، وإما أن نكون أخطأنا وأصابوا فاقتتلنا كما اقتتل أهل الشام بينهم، ثم اصطلحوا واجتمعوا، وقد ملكتم فاسجحوا، وقد قدرتم فاعفوا، فرق لهم مصعب، وأرد أن يخلي سبيلهم، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فقال: تخلي سبيلهم؟ اخترنا أو اخترهم، ووثب محمد بن عبد الرحمن الهمداني فقال: قتل أبي وخمسمائة من همدان وأشراف العشيرة ثم تخليهم؟ ووثب أهل كل بيت، فأمر بقتلهم، فنادوا: لا تقتلنا واجعلنا مقدمتك إلى أهل الشام غدا، فوالله ما بك عنا غنى، فإن ظفرنا فلكم، وإن قتلنا لم نقتل حتى نرقهم لكم، فأبى، فقال مسافر بن سعيد: ما تقول لله غدا إذا قدمت عليه وقد قتلت أمة من المسلمين صبرا حكموك في دمائهم أن لا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس، فإن كنا قتلنا عدة رجال منكم فاقتلوا عدة منا وخلوا سبيل الباقي، فلم يستمع له، ثم أمر بكف المختار، فقطعت وسمرت إلى جانب المسجد، وبعث عماله إلى البلاد، وكتب إلى ابن الأشتر يدعوه إلى طاعته ويقول: إن أجبتني فلك الشام وأعنة الخيل. وكتب عبد الملك بن مروان أيضا إلى ابن الأشتر: إن بايعتني فلك العراق، ثم استشار أصحابه فترددوا، ثم قال: لا أؤثر على مصري وعشيرتي أحدا، ثم سار إلى مصعب.

قال أبو غسان مالك بن إسماعيل: حدثنا إسحاق بن سعيد، عن سعيد قال: جاء مصعب إلى ابن عمر - يعني لما وفد على أخيه ابن الزبير - فقال: أي عم، أسألك عن قوم خلعوا الطاعة وقاتلوا، حتى إذا غلبوا تحصنوا وسألوا الأمان فأعطوا، ثم قتلوا بعد، قال: وكم العدد؟ قال: خمسة آلاف، قال: فسبح ابن عمر، ثم قال: عمرك الله يا مصعب، لو أن امرءا أتى ماشية للزبير فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة، أكنت تعده مسرفا؟ قال: نعم، قال: فتراه إسرافا في البهائم وقتلت من وحد الله، أما كان فيهم مستكره أو جاهل ترجى توبته؟! أصب يا ابن أخي من الماء البارد ما استطعت في دنياك.

<<  <  ج: ص:  >  >>