[المبحث الرابع: بيان بعض مزايا الشريعة الإسلامية.]
أولًا: إن الإسلام جاء دينًا صالحًا لجميع الأمم في جميع العصور ولسائر البشر وهذا شيء لم يسبق إليه دين قبله قط قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}(سبأ: ٢٨)
ثانيًا: جاء الإسلام لإصلاح العقيدة، بحمل الذهن على اعتقاد لا يشوبه تردد، ولا تمويه ولا أوهام ولا خرافات، فَيُكَوِّن عقيدة مبنية على الخضوع لواحد عظيم، وعلى الاعتراف باتصاف هذا الواحد بصفات الكمال التامة التي تجعل الخضوع إليه اختياريًّا، ثم لتصير تلك الكلمات مطمع أنظار المعتقد في التخلق بها ثم بحمل جميع الناس على تطهير عقائدهم حتى يتحد مبدأ التخلق فيهم:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}(آل عمران: ٦٤).
وكان إصلاح الاعتقاد أهم ما ابتدأ به الإسلام؛ وأكثر ما تعرض له، وذلك لأن إصلاح الفكرة ومبدأ كل إصلاح ولأنه لا يرجى صلاح لقوم تلطخت عقولهم بالعقائد الضالة وخسئت نفوسهم بآثار تلك العقائد المثيرة: خوفًا من لا شيء وطمعًا في غير شيء وإذا صلح الاعتقاد أمكن صلاح الباقي لأن المرء إنسان بروحه لا بجسمه.
ثم نشأ عن هذا الاعتقاد الإسلامي وأصالة الرأي وحرية العقل ومساواة الناس فيما عدا الفضائل.
وقد أكثر الإسلام شرح العقائد إكثارًا لا يشبهه فيه دين آخر؛ بل إنك تنظر إلى كثير من الأديان الصحيحة فلا ترى فيها من شرح صفات الخالق إلا قليلًا.
ثالثا: كون الإسلام دين الفطرة فليس فيه شيء غير معقول كالتثليث، ولا غير ممكن طبعًا كحب الأعداء، وأساسه تجريد التوحيد الذي يعتق البشر من رق الخرافات والأوهام.
رابعا: جمع الإسلام بين إصلاح النفوس بالتزكية؛ وبين إصلاح نظام الحياة بالتشريع، في حين كان معظم الأديان لا يتطرق إلى نظام الحياة بشيء، وبعضها وإن تطرق إليه إلا أنه لم يوفه