للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فلعل هذا الموعود به بنو إسرائيل هو هارون أخو موسى ووزيره، أو يوشع خادمه ومشيره، قلنا: التوراة تأبى ذلك؛ إذ قد أخبرت أن هارون توفي في حياة موسى وعاش موسى بعده، وأما يوشع بن نون فهو من بني إسرائيل والله تعالى يقول (مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي) ولم يقل من أنفسهم، والتوراة أيضًا قد سدّت هذا الباب ففي سفر التثنية (٣٤: ١٠) "وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ".

ثم هارون ويوشع قد كانا أقيما للنبوة قبل صدور هذا الخطاب من الله، ولا يصحّ أن يُنَزَّل على المسيح بإجماع الأمم.

أما اليهود فهو عندهم كذَّاب أشِر. وأنَّه ما أحيا ميتًا قط ولا أبرأ أبرص. وأما النصارى فهم يزعمون أنه الرّبّ الذي بعث الأنبياء وأرسل الرسل وأنه الذي خلق الخلق وأتقن العالم.

فإن رجعوا القهقري وقالوا: إن المسيح مثل موسى فقد تناقض قولهم وخبطوا عشوى.

وأما المسلمون فالمسيح عندهم نبيٌّ كريمٌ غير أنه من بني إسرائيل والله تعالى يقول: "مِنْ إِخْوَتِكَ" ولم يقل من أنفسهم. فبطل أن يكون المسيح أو غيره وتعيّن أن يكون محمّدًا - صلى الله عليه وسلم - ضرورة الوفاء بقول الله تعالى. (١)

[البشارة رقم (١٧)]

البشارة بـ (محمد) مشتهى الأمم.

مناسبة هذه البشارة:

"سقطت مملكة إسرائيل وعاصمتها شكيم (نابلس الحالية) بيد الآشوريين عام (٧٢١ ق. م) وتم نفي سكانها من بقايا أسباط إسرائيل العشرة إلى بلاد الآشوريين ثم بعد ذلك بأقل من قرن ونصف (٥٨٦ ق. م) سقطت مملكة يهوذا، وعاصمتها القدس بيد الكلدانيين بقيادة نبوخذ نصر، وتم تدمير معبد سليمان تدميرًا تامًا، وأعمل القتل في سلالة سبطي يهوذا وبنيامين الذين كانوا يشكلون مملكة يهوذا، ونفى من سلم منهم إلى بلاد بابل


(١) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل (٢/ ٦٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>