للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأعرابي: النسخ تبديل الشيء من الشيء وهو غيره، ونَسْخ الآية بالآية: إِزالة مثل حكمها، والنسخ نقل الشيء من مكان إِلى مكان وهو هو، . . .، الفرّاء وأَبو سعيد: مَسَخه الله قردًا ونسخه قردًا بمعنى واحد. ونسخ الشيء بالشيء ينسَخه وانتسخه أَزاله به وأَداله، والشيء ينسخ الشيء نَسْخًا أَي يزيله ويكون مكانه (١).

قال الليث: النسْخ أَن تزايل أَمرًا كان من قبلُ يُعْمَل به ثم تنسخه بحادث غيره.

قال الفرّاء: النسخ أَن تعمل بالآية ثم تنزل آية أُخرى فتعمل بها وتترك الأُولى (٢).

وعلى هذا فيطلق في اللغة على معنيين:

المعنى الأول: إبطال الشيء وإقامة آخر مقامه، فتارة يفهم منه الإزالة وتارة يفهم منه الإثبات قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} والعرب تقول نسخت الشمس الظل: أي أذهبت الظل وحلت محله.

المعنى الثاني: نقل الشيء من مكان إلى مكان وهو هو، وفي التنزيل قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، والنسخ اكتتاب كتاب عن كتاب حرفًا بحرف والأصل نسخة والمكتوب عنه نسخة؛ لأنه قام مقامه. (٣)

ثانيًا: تعريف النسخ شرعًا:

أولًا: تعريف النسخ في اصطلاح المتقدمين.

لم يكن النسخ عند السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم - على وجه التقريب - مميزًا عن غيره من أساليب البيان، فقد كانوا يطلقون النسخ على تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتفصيل المجمل، وإيضاح المبهم، ونحو ذلك كما كانوا يطلقونه على النسخ بمعناه المعروف عند الأصوليين، بعد تحديد المصطلحات العلمية، ولقد سجل العلماء ذلك:


(١) لسان العرب (٣/ ٦١).
(٢) لسان العرب (٦/ ٤٤٠٧)، وانظر العين (١/ ٣٠٨)، تهذيب اللغة (٧/ ١٨٢: ١٨١).
(٣) الفقيه والمتفقه (١/ ٢٤٤)، روضة الناظر (١/ ٢١٨)، الناسخ والمنسوخ للنحاس (١/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>