للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنصيبها، وأرسل إلى زينب بنت جحش فلم ترض، ثم زادوها مرة أخرى فلم ترض فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك أن ترد عليك الهدية، فقال رسول الله: "لأنتن أهون على الله من أن تقمئنني لا أدخل عليكن شهرًا". (١)

ومن طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة نحوه. وفيه ذبح ذبحًا فقسمه بين أزواجه فأرسل إلى زينب بنصيبها فردته فقال: زيدوها ثلاثًا كل ذلك ترده فذكر نحوه. (٢)

وهذا لا يصح لأنه من رواية الواقدي.

١ - وفيه قول آخر أخرجه مسلم من حديث جابر، قال: جاء أبو بكر، والناس جلوس بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر فدخل، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسًا وحوله نساؤه فذكر الحديث. وفيه "هن حولي كلما ترى يسألنني النفقة" فقام أبو بكر إلى عائشة وقام عمر إلى حفصة ثم اعتزلهن شهرًا فذكر نزول آية التخيير. وهذا واضح في أنه اعتزلهن بسبب سؤال النفقة.

٥ - ويحتمل أن يكون مجموع هذه الأشياء كان سببًا لاعتزالهن، وهذا هو اللائق بمكارم أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-، وسعة صدره، وكثرة صفحه، وأن ذلك لم يقع منه حتى تكرر موجبه منهن -صلى الله عليه وسلم-.

٦ - والراجح من الأقوال كلها قصة مارية لاختصاص عائشة، وحفصة بها بخلاف العسل؛ فإنه اجتمع فيه جماعة منهن، ويحتمل أن تكون الأسباب جميعها اجتمعت فأشير إلى أهمها ويؤيده شمول الحلف للجميع، ولو كان مثلًا في قصة مارية فقط لاختص بحفصة وعائشة. (٣)

قلت: فهذا كله بين من روايات الحديث وكلام الحافظ يبين أن اعتزاله لنسائه يتعلق بسورة التحريم بداية وأن آية التخيير نزلت بعد ذلك وهذا جلي لا تشويش فيه بحمد الله.

[وأما قصة التخيير التي نزلت آيتها بعد هذه القصة فهذا خبرها]

عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءها حين أمر الله أن يخير أزواجه فبدأ


(١) أخرجه ابن سعد ٨/ ١٨٨ وفي إسناده الواقدي متروك.
(٢) أخرجه ابن سعد ٨/ ١٩٠ من طريق الواقدي.
(٣) فتح الباري (٢٨٠ - ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>