٢ - متأخري الأشاعرة: ويسمون الأشاعرة المحضة، فهؤلاء ينفون صفة الوجه عن الله عز وجل، ويفسرون آيات الوجه بمعنى الذات أو الثواب أو الجزاء أو الأعمال الصالحة إلا أنهم يضيفون تفسيرًا خاصًّا بهم وهو (الرضى).
[الوجه الثالث: الرد على النصارى.]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ردًّا على النصارى: وأما قولهم: له وجه يوليه إلى كل مكان؛ فليس هذا في القرآن؛ ولكن في القرآن: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} (الرحمن: ٢٦، ٢٧) وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)} (القصص: ٨٨)، وقوله:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(البقرة: ١١٥)، وهذا قد قال فيه طائفة من السلف: فثم قبلة الله، أي فثم جهة الله، والجهة كالوعد والعِدة والوزن والزِنة، والمراد بوجه الله: وجهة الله، الوجه، والجهة والوجهة الذي لله يستقبل في الصلاة كما قال في أول الآية:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}، ثم قال:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(البقرة: ١١٥) كما قال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(البقرة: ١٤٢)، فإذا كان لله المشرق والمغرب، ولكلٍ وجهة هو موليها وقوله:{مُوَلِّيهَا}؛ أي متوليها أم مستقبلها، فهذا كقوله:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(البقرة: ١١٥) أي فأينما تستقبلوا فثم وجهة الله، وقد قيل: إنه يدل على صفة الله؛ لكن يدل على أن ثم وجه لله، وأن العباد أينما يولون فثم وجه الله، فهم الذين يولون ويستقبلون لا أنه هو يولي وجهه إلى كل مكان، فهذا تحريف منهم للفظ القرآن عن معناه، وكذب على المسلمين ومن قال بالقول الثاني من المسلمين؛ فإن ذلك يقتضي أن الله محيط بالعالم كله كما قد بسطت هذه الأمور في غير هذا