للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمه في قرارة نفسه بيقين، أما الشك فيمكن تعريفه في إحدى صوره التي تنطبق على حالتنا هذه بأنه تراجع - يجري داخل النفس - عن التصديق بالشيء.

لقد آمن التلاميذ بالمسيح رسولًا من الله يقول الصدق، وهو إذا تنبأ بمستقبل كانت تنبؤاته صادقة ولابد أن يحدث ما سبق وأن تنبأ به. أما إذا رأى التلاميذ أن ما حدث يعتبر مخالفًا لما سبقت به نبؤة المسيح فعندئذ يكون الشك، وهنا فقط يشك التلاميذ في المسيح، ويرتدون عن عقيدتهم في الإيمان به والتصديق برسالته. فهل حدث الشك أم لا؟ لننظر ونتأمل. (١)

[٧ - آلام المسيح.]

يقول مرقس: "٣٢ وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَال لِتَلَامِيذِهِ: "اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ". ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. ٣٤ فَقَال لَهُمْ: "نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ! اُمْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا". ٣٥ ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. ٣٦ وَقَال: "يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِيَكُنْ لَا مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ". ٣٧ ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَال لِبُطْرُسَ: "يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ ٣٨ اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ". ٣٩ وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى قَائِلًا ذلِكَ الْكَلَامَ بِعَيْنِهِ. ٤٠ ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ. ٤١ ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَال لَهُمْ: "نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. ٤٢ قُومُوا لِنَذْهَبَ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ! "." (١٤/ ٣٢ - ٤٢).

إن هذا الجزء" يصف آخر مرة كان فيها يسوع مع تلاميذه، إذ أننا نجد أن نهاية الفقرة التالية لنظيره متى تقول: "حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلَامِيذُ كُلّهُمْ وَهَربُوا." (٢٦/ ٥٦). (٢)

ويروي لنا لوقا آلام المسيح أيضا فيقول: "٣٩ وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ،


(١) المسيح في مصادر العقائد المسيحية (١٣٨ - ١٣٩).
(٢) تفسير إنجيل متى، مرجع سابق (٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>