استغرب المعترض أن لله تعالى صفة العَجَب، وظنوا أن هذا منقصة في حق الله تعالى، فاستهزأوا وقالوا: الله يعجب ويتعجب (سبحان الله) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)} [الصافات: ١٢] {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢)}.
والجواب عن ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: الله تعالى ليس كمثله شيء.]
كل ما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة في وصف الله تعالى نؤمن على مراد الله -عَزَّ وَجَلَّ- من غير تحريف ولا تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل.
فصفة العجب ثابتة لله تعالى بالسنة الصحيحة، نؤمن بها مع إيماننا أنه سبحانه وتعالى (ليس كمثله شيء) لا في ذاته ولا في صفاته.
[الوجه الثاني: صحة القراءة الثانية (بضم التاء).]
قال ابن خالويه: قوله تعالى (بل عجبت) يقرأ بضم التاء وفتحها، فالحجة لمن ضم أنه من إخبار الله تعالى عن نفسه. ودليله قوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عجب ربكم من آلكم وقنوطكم"، فالعجب من الله -عَزَّ وَجَلَّ- إنكار لأفعالهم من إنكارهم البعث، وسخرياتهم من القرآن، وازدرائهم بالرسول جرأة على الله وتمردًا وعدوانًا وتكبرًا فهذا العجب من الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والفرق بينه وبين عجب المخلوقين أن المخلوق لا يعجب إلا عند نظره إلى ما لم يكن في علمه، ولا جرت العادة بمثله فبهره ما رأى من ذلك فيتعجب من ذلك، وقد جاء في القرآن ما يقارب معنى ذلك كقوله تعالى:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، وكقوله {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}، وكقوله {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}، فالمكر من الله والاستهزاء والحبة على غير ما هي من الخلق وبخلافها، فكذلك العجب منه بخلاف ما هو من المخلوقين؛ لأنَّها منه على طريق المجازاة بأفعالهم وإتيان اللفظ مردودًا على اللفظ، والحجة لمن فتح أنه جعل التاء للنبي - صلى الله عليه وسلم -.