للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا هذه الحكمة هبة الله للإنسان "الرب يعطي حكمة من فمه: المعرفة والفم" (الأمثال ٢/ ٦)، هي حكمة مقترنة بالفهم دائما، ويوصي كاتب السفر فيقول: "قل للحكمة أنت أختي، وادع الفهم ذا قرابة، لتحفظك من المرأة الأجنبية .. " (الأمثال ٧/ ٤ - ٥). وبهذه الحكمة ساد السادة من الملوك والقضاة والأغنياء على غيرهم "أنا الحكمة أسكن الذكاء .. لي المشورة والرأي، أنا الفهم لي القدرة، بي تملك الملوك، وتقضي العظماء عدلا، بي تترأس الرؤساء والشرفاء، كل قضاة الأرض، أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إلي يجدونني، عندي الغنى والكرامة، قنية فاخرة فاخرة وحظ، ثمري خير من الذهب ومن الإبريز، وغلتي خير من الفضة المختارة، في طريق العدل أتمشى، في وسط سبل الحق، فأورث محبي رزقا، وأملأ خزائنهم، الرب قناني أول طريقه ... " (الأمثال ٨/ ٢٢ - ١٢). فالمتأمل لهذا وغيره - لا ريب - يجزم بأن هذه الحكمة، ليست صفة الله الأزلية القائمة به؛ إذ تلك لا تثمن بالجواهر واللآلئ، ولا تثمر الغنى والمال والملك والسلطان، كما لا تنبت من فم البشر، ولا تشمل بالطبع مخافة الله لأنها صفة الله. (١)

٢ - مقدمة إنجيل يوحنا: وأما الاستدلال على ألوهية المسيح بمقدمة يوحنا: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرهِ لَمْ يَكُنْ يشَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يوحنا ١/ ١ - ٣) فقد كان للمحققين معه وقفات عديدة ومهمة، منها:

١ - هذا النص ليس من كلام المسيح - عليه السلام -، ولا من كلام أي حواري أو تلميذ مباشر


(١) ولربما أشكل على القارئ الكريم وصف سفر الأمثال للحكمة، بأنها صانعة أو خالقة في قوله: "كنت عنده صانعًا، وكنت كل يوم لذته فرحة دائمًا قدامه، فرحة في مسكونة أرضه" (الأمثال ٨/ ٣٠ - ٣١)، لكنه في الحقيقة تحريف مقصود بغرض الإلباس والتدليس، فالنص في الرهبانية اليسوعية مختلف تماما؛ إذ يقول: "وكنت عنده طفلًا، وكنت في نعيم يومًا فيومًا، ألعب أمامه في كل حين، ألعب على وجه أرضه"، وهو كما ترى لا يتحدث عن الحكمة الصانعة، بل عن الحكمة الطفولية التي تنشأ في الإنسان من سني لعبه وطفولته، وتترعرع وتنضج في قابل عمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>