للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ} هو عين ما ذكر تعالى قبل ذلك من أنهم يشربون من عين الكافور، والزنجبيل، والسلسبيل أو هذا نوع آخر؟ قلنا: بل هذا نوع آخر، ويدل عليه وجوه: أحدها: دفع التكرار، وثانيها: أنه تعالى أضاف هذا الشراب إلى نفسه، فقال: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ} وذلك يدل على فضل في هذا دون غيره، وثالثها: ما روينا أنه تقدم إليهم الأطعمة والأشربة، فإذا فرغوا منها أتوا بالشراب الطهور فيشربون، فيطهر ذلك بطونهم، ويفيض عرقًا من جلودهم مثل ريح المسك، وهذا يدل على أن هذا الشراب مغاير لتلك الأشربة، ولأن هذا الشراب يهضم سائر الأشربة، ثم له مع هذا الهضم تأثير عجيب، وهو أنه يجعل سائر الأطعمة والأشربة عرقًا يفوح منه ريح كريح المسك، وكل ذلك يدل على المغايرة (١).

الوجه الثاني عشر [*]: عرق أهل النار هو الذي له رائحة كريهة (بغض النظر هل يخرجون فضلاتهم أم لا؟ )

عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مسكر حرام، وإن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار". (٢)

[الوجه الخامس عشر: المسيح يشرب الخمر في ملكوت الله.]

أضف إلى ذلك ما ورد على لسان المسيح عليه السلام أنه بشرب الخمر في ملكوت الله أي في الجنة كما في سفر مرقس (١٤: ٢٥): الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لَا أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ الله.

وفي إنجيل لوقا (٢٢: ٣٠) قول المسيح لتلاميذه: وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، ٣٠ لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِى، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ


(١) مفاتيح الغيب ١٦/ ٢٣٦.
(٢) مسلم (٢٠٠٢).

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: قدّموا في المجمل ص ٣٠٤ من هذا الجزء «الوجه العاشر: كلما يزيد المؤمن إيمانا؛ فإن عرقه يزيد طيبًا في الدنيا.»، ولم يذكروه هنا فلعله تم تحرير الموضوع وحذف بعض الوجوه دون تغيير الترقيم، والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>