للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج ابن سعد أنها توفيت سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهي يومئذ ابنة ستين سنة. (١)

[الوجه الثاني: الروايات التي تتصل بحفصة وفيها شبهة.]

الرواية الأولى: طعن بعضهم في حفصة بأنها دخلت على عائشة وعليها خمار رقيق فشقته عائشة وكستها خمارًا كثيفا، ثم قال: ولا نعلم إذا كان ذلك يوحي برقة الدين عند حفصة أو بشيء آخر.

والجواب: أن هذه ليست حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ابنة أخي عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-.

وها هو الخبر بذلك: عن مالك، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه أنها قالت: دخلت حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى حفصة خمار رقيق فشقته عائشة وكستها خمارًا كثيفًا. (٢)

الرواية الثانية: وكذلك طعنوا في عائشة بهذه القصة بسبب غيرة عائشة -رضي الله عنها- من حفصة -رضي الله عنها-.

عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث فقالت حفصة ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جمل عائشة وعليه


(١) الطبقات الكبرى (٧/ ٨٦).
(٢) حسن. أخرجه مالك في الموطأ رواية يحيى (١٦٢٥)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٢/ ٢٣٥)، وابن سعد في الطبقات (٨/ ٧١) من طريق علقمة بن أبي علقمة، عن أمه أنها قالت: .. وذكرته. وهذا إسناد حسن؛ لأن مرجانة مولاة عائشة علق لها البخاري، وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة، وقال الحافظ: مقبولة، وذكرها ابن حبان في الثقات، وذكرها الذهبي في المجاهيل بسبب تفرد ابنها عنها، وقال الذهبي في الكاشف: وثقت؛ وهو غالبًا يذكر هذا المصطلح فيمن وثقه ابن حبان أو العجلي أو هما معًا؛ كما في التقريب (٢/ ٦٥٩)، وانظر: تهذيب التهذيب (١٢/ ٤٠٠)، والثقات للعجلي (٢٣٦٤)، والثقات لابن حبان (٥/ ٤٦٦ - ٥٧٥٥)، ولسان الميزان (٤/ ٦١٠ - ١٠٩٩٤)، وقول الحافظ في الميزان: وثقها ابن حبان على أساس ما شرطه في كتابه؛ لكنه خالف هذا الشرط في صنيعه في الكتاب لمن تأمله، فالصواب التفريق بين مَنْ ذكره ولم يذكر فيه شيء وليس فيه كلام لأحد، وبين من وثقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>