نص الشبهة: أنهم يتحاربون من أجل السلطة والتربع على عرش الخلافة.
والرد عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن الصحيح من مواقف الصحابة بعد مقتل عثمان يدل على خلاف هذا وإليك ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان -رضي اللَّه عنه- حتى قبيل معركة الجمل:
* أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان -رضي اللَّه عنه-، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعد وفاة الصديق -رضي اللَّه عنه-، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة ونجم عن ذلك مقتل الخليفة وبقاء المنصب شاغرًا، وسعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة وعبد اللَّه بن عمر، لكن أحدًا لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، وهم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، وقد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم.
* قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان -رضي اللَّه عنه- فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: لا تفعلوا، فإني إن أكون وزيرًا خير من أن أكون أميرًا، فقالوا: لا، واللَّه ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفيًا ولا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد: فقال عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه-: فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، وأبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه، ثم بايعه الناس.
* وهناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين والأنصار وفيهم طلحة والزبير أتوا عليًا فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، وقد طال الأمر، فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ وأتيتم، وإني قائل لكم قولًا إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء اللَّه، فبايعوه في المسجد.