للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يبدوا واضحًا الحفاظ على المرأة وعلى قدسية الزواج.

١٣. وهنا نجد أن اللَّه تعالى في شريعته الغراء منع من إيقاع الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه لما سبق بيانه، لكنه أصر على الطلاق فبين له أنه حقه المشروع هو إنفاذ طلقة واحدة فإذا جمع الثلاث في مجلس واحد فقد تعدى حدود اللَّه وظلم نفسه ويكون آثمًا مستحقًا للعقاب. (١)

فالشرع مع من أراد إلى النهاية، فيقول له في النهاية، إن كان لا بد من الطلاق فواحدة حتى لا تندم.

وعن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني عبد المطلب امرأته ثلاثًا في مجلس واحد فحزن حزنًا شديدًا، قال: فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا، قال في مجلس واحد؟ قال. نعم. قال: فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت، قال فراجعها" (٢).

فكان الناس في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعملون بما أمر اللَّه به في كتابه فيطلقون طلقة واحدة يستقبلون بها عدة نساء، ولذلك غضب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما بلغه أن رجلًا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال: "أيلعب بكتاب اللَّه وأنا بين أظهركم حتى قام رجل وقال يا رسول اللَّه ألا أقتله" (٣).

قال الشيخ أحمد شاكر: وأغلب الظن أن هذا الرجل هو ركانة بن عبد يزيد. (٤)

ومن هنا تعلم أن الزواج يحافظ على عقد الزواج إلى أخر مرحلة فيشرع طلقة واحدة


(١) الفقه الإسلامي وأدلته (٧/ ٤٠٥ - ٤١٣).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٦٥)، وأبو يعلي (٢٥٠٠)، والبيهقي (٧/ ٣٢٩ - ٣٣٩)، قال أحمد: حديث ركانة ليس بشيء. العلل المتناهية (٢/ ٦٣٩)، وصححه ابن القيم، والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند وفي كتابة نظام الطلاق في الإسلام، وقال ابن تيمية: إسناده جيد.
(٣) أخرجه النسائي (٥٥٩٤) من طريق مكرمة عن أبيه به؛ وإسناده متقطع فمكرمة لم يسمع من أبيه شيئًا. نص عليه أحمد، وابن معين، وغيرهما. (تهذيب الكمال ٢٧/ ٣٢٤).
(٤) نظام الطلاق في الإسلام (٢٦ - ٢٧)، الفرقة بين الزوجين (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>