للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال الناس فيها فهو ناقص؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكى الخلاف ويطلقه، ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضًا. فإن صحح غير الصحيح عامدًا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ، كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكي أقوالًا متعددة لفظًا، ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور. والله الموفق للصواب (١).

[فائدة: حكم سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين]

أما سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين فإنه حرام لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن يهدوكم، وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني" (٢).

والإسرائيليات مرفوضة عن العلماء على البتات فأعرض عن سطورها بصرك وأصمم عن سماعها أذنيك فإنها لا تعطي فكرك إلا خيالًا ولا تزيد فؤادك إلا خبالًا.

قَالَ اِبْن بَطَّال عَنْ المهَلَّب: هَذَا النَّهْي إِنَّمَا هُوَ فِي سُؤَالهمْ عَمَّا لَا نَصَّ فِيهِ، لِأَنَّ شَرَعْنَا مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ فَإِذَا لَمْ يُوجَد فِيهِ نَصّ فَفِي النَّظَر وَالاسْتِدْلَال غِنًى عَنْ سُؤَالهمْ، وَلَا يَدْخُل فِي النَّهْي سُؤَالهمْ عَنْ الْأَخْبَار المصَدِّقَة لِشَرْعِنَا وَالْأَخْبَار عَنْ الْأُمَم السَّالِفَة، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} فَائرَاد بِهِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُؤَال مَنْ لَمْ يُؤْمِن مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْأَمْر يَخْتَصّ بِمَا يَتَعَلَّق بِالتَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَة.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) (٢/ ٣١٥) الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة (١٥٠) والتفسير والمفسرون (٤/ ٩) ومقدمة في التفسير للعثيمين (١/ ٤٦).
(٢) مسند أحمد (٣/ ٣٣٨: ٣٣٧)، سنن الدارمي (١٤٣٦)، السنن لابن أبي عاصم (٥٠) , جامع بيان العلم لابن عبد البر (٢/ ٤٢) من طرق عن مجالد. وحسنه الألباني في الإرواء (١٥٨٩)، وفي ظلال الجنة (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>