للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن المؤمن المؤيَد من اللَّه يجعل اللَّه يده ورجله وسائر جوارحه متَّبعة للحق عاملة به، فتنشغل جوارحه بما أمره اللَّه به وأباحه له من الحلال، وذلك يوضحه الحديث القدسي: "فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا" (١).

[الوجه الخامس: توضيح أن قول المفسرين لا يتعارض مع العلم.]

قال الطبري: {بَلَى قَادِرِينَ} على أعظم من ذلك أن نسوي بنانه، وهي أصابع يديه ورجليه، فنجعلها شيئًا واحدًا كخفّ البعير، أو حافر الحمار، فكان لا يأخذ ما يأكل إلا بفيه كسائر البهائم، ولكنه فرق أصابع يديه يأخذ بها، ويتناول ويقبض إذا شاء ويبسط، فحسن خلقه، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل (٢).

[توضيح أن هذا القول لا يتعارض مع العلم وذلك لما يأتى]

١ - إذا اختلفت عظام الأصابع وتحولت إلى أشياء أخرى غير ما عليها الإنسان الآن لاختلفت باقي وظائف الأصابع (عظم - لحم - جلد) اختلافًا كبيرًا.

٢ - تصبح هذه البصمات المميزة للإنسان لا يمكن معرفتها، ولا يمكن التفريق بين إنسان وآخر بها لماذا؟ لأن اليد ستصبح شيئًا واحدًا كما قال المفسرون المتقدمين.

٣ - اليد الواحدة ستصبح ملتصقة الأصابع ويتداخل اللحم بين الأصابع، فلا يمكن معرفة بصمة كل إصبع في اليد الواحدة، فضلًا على ذلك عدم إمكان معرفة البصمة المختلفة لكل إنسان عن الآخر.

٤ - هل خفّ البعير أو حافر الحمار لهما بصمات؟ وكأنه بطريقة ضمنية نستشف من كلام المفسرين أن بصمة الأصابع الخاصة بالإنسان تختلف تمامًا عما في الحيوان والطائر، فلو تحولت يد إنسان إلى يد حيوان (وذلك كما حدث في الأمم التي قد مسخت قردة


(١) البخاري (٦٥٠٢).
(٢) (تفسير الطبري ٢٤/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>