للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقوال علماء المسلمين كثيرة في هذا الباب، وكلها متضافرة على كفر من رمى الصديقة بما برأها الله منه، أو نسبها إلى الفاحشة - عياذا بالله - متبعين لكتاب ربهم الذي قرر أن الطيبين للطيبات والخبيثين للخبيثات وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - التي دلت دلالة قطعية على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الصديقة الطيبة عائشة حبًا شديدا، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يحب إلا طيبًا. (١)

[الوجه الثالث: الإجابة على أسئلة المعترض]

١ - لماذا طلبت عائشة الذهاب إلى بيت أبويها لتمرض هناك، والاستدلال بذلك على أنها لم تتأثر بالحادث لأن لها شخصية قوية؟ ولماذا أعرض عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعول على حسن الظن كبقية المؤمنين؟ وما هو سر تدخل الله العجيب في هذه المراهقة؟

والجواب في نقاط:

١ - لم يقل - صلى الله عليه وسلم -: بحسن الظن لشدة غيرته - صلى الله عليه وسلم -، والغيور لا يكاد يعول في مثل ذلك على حسن الظن.

ب - إن قول أولئك الأصحاب - رضي الله عنه -: سبحانك هذا بهتان عظيم. لم يكن ناشئًا إلا عن حسن الظن ولم يتمسك به - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا يحسم القال والقيل ولا يرد به شيء من الأباطيل.

ولا ينبغي من يؤمن بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخالج قلبه بعد الوقوف على الآيات والأخبار شك في طهارة نساء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن الفجور في حياة أزواجهن وبعد وفاتهم عنهن. (٢)

ج - لم يكن هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - إعراضًا كليًا، وإنما كان من هديه مُلَاطَفَة الزَّوْجَة وَحُسْنُ مُعَاشَرَتهَا وَالتَّقْصِير مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ إِشَاعَة مَا يَقْتَفِي النَّقْص وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّق، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنْ تَتَفَطَّنَ لِتَغْيِيرِ الحْال فَتَعْتَذِر أَوْ تَعْتَرِف.

د - وفي هذا الهدي إِشَارَةٌ إِلَى مَرَاتِبِ الهجْرَانِ بِالْكَلَامِ وَالمُلَاطَفَةِ، فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُحَقَّقًا فَيُتْرَكُ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا فَيُخَفَّفُ، وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مُحْتَمَلًا فَيَحْسُن التَّقْلِيلُ


(١) المصدر السابق نقلًا عن: أوجز الخطاب في بيان موقف الشيعة من الأصحاب.
(٢) روح المعاني (١٨/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>