للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقُلْتُ: عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ: عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: عَلَى ثَلَاثَةٍ. فَقُلْتُ: عَلَى ثَلَاثَةٍ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ، إِنْ قُلْتَ: غَفُورًا رَحِيمًا أَوْ قُلْتَ: سَمِيعًا عَلِيمًا أَوْ عَلِيمًا سَمِيعًا فَالله كَذَلِكَ، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ (١).

عن همام بن الحارث، أن أبا الدرداء كان يُقرئ رجلًا {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ} فقال: طعام اليتيم، فقال أبو الدرداء: قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر. (٢)

عن عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلًا {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ} فقال الرجل: طعام اليتيم، فرددها عليه فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر؟ قال: نعم. قال: فافعل. (٣)

ثانيًا: توجيه النصوص من وجوه:

الوجه الأول: أن اختلاف القراءات لا يوقع في شك ولا ريب ما دام الكل نازلا من عند الله.

الوجه الثاني: أمَّا هذه الروايات التي اعتمدت عليها الشبهة فلا نسلم أنه يفهم منها معنى تخيير الشخص أن يأتي من تلقاء نفسه باللفظ وما يرادفه، أو باللفظ وما لا يضاده في المعنى حتى يوقع ذلك في ريب من هذا التنزيل؛ بل قصارى ما تدل عليه هذه الروايات أن الله تعالى وسَّع على عباده خصوصا في مبدأ عهدهم بالوحي أن يقرؤوا القرآن بما تلين به ألسنتهم. وكان من جملة هذه التوسعة القراءة بمترادفات من اللفظ الواحد للمعنى الواحد، مع ملاحظة أن الجميع نازل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم -،


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ١٢٤، وأبو داود في سننه (١٤٧٧)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٥١: رواه أحمد والطبراني في المعجم الكبير بنحوه إلا أنه قال: وذهب وأدبر، وفيه على بن زيد بن جدعان، وهو سيء الحفظ، وقد توبع، وبقيه رجال أحمد رجال الصحيح. قال الألباني: إسناده صحيح. الأحاديث المختارة للضياء المقدسي ٢/ ٩١.
(٢) تفسير الطبري ٢٢/ ٤٣ بإسناد صحيح.
(٣) الدر المنثور ٩/ ١٢٩ بإسناد فيه ضعف فإن عون بن عتبة روايته عن ابن مسعود مرسلة كما قال الدارقطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>