عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي - رضي الله عنه - أَنَّ نَاسًا في زَمَنِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا:"يَا رَسُولَ الله، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ". . . . وهو حديث الرؤية وفيه قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ الله سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ الله، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ؛ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ الله، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ؛ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ". . ."(١).
[الوجه الحادي عشر: على زعمكم - الباطل - فآدم أولى بعيسى من ذلك.]
ما دمتم تقرِّون أنه ليس ثمة أحد يحمل صفات الألوهية أو البنوة لله تعالى إلا المسيح - عليه السلام - وتستدلون على ذلك بقوله تعالى:{وَرُوحٌ مِنْهُ} فحينئذ يلزمكم أن تقولوا: إن آدم - عليه السلام - أحق بالبنوة من عيسى؛ حيث قال الله في آدم:{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}[الحجر: ٢٩] ولا شك أن القول بهذا حجة عليكم لا لكم، فإذا كان قوله سبحانه:{مِنْ رُوحِي} في حق آدم معناه الروح المخلوقة، وأن هذه الروح ليست صفة لله - عز وجل - فهي كذلك في حق عيسى؛ إذ اللفظ واحد؛ بل إن الإعجاز في خلق آدم بلا أب ولا أم أعظم من الإعجاز في خلق عيسى بأم بلا أب، وحسب قولكم يكون آدم حينئذ أحق بالبنوة والألوهية من عيسى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وبعد ما تقدم نقول: إن القرآن الكريم في هذا الموضع وفي غيره يقرر بشرية