للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا نختصي يا رسول اللَّه! فنهانا، ثم رخص أن نتزوج المرأة إلى أجل بالشيء، ثم نهانا عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية". (١) وبهذا يتضح أنها كانت مباحة ثم نهى عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

[الوجه الثاني: هذا الحديث منسوخ بأحاديث النهي عن المتعة]

قال الشافعي: ذَكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ (الإِرْخَاصَ في نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلَمْ يُوَقِّتْ شَيْئًا يَدُلُّ أَهُوَ قَبْلَ خَيْبَرَ أَوْ بَعْدَهَا وَأَشْبَهَ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (في نَهْي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَكُونَ وَاللَّه أَعْلَمُ نَاسِخًا لَهُ (٢).

قال ابن حجر: وَظَاهِر اسْتِشْهَاد اِبْن مَسْعُود بِهَذِهِ الْآيَة هُنَا يُشْعِر بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى بِجَوَازِ الْمُتْعَة، فَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ بَلَغَهُ النَّاسِخ، ثُمَّ بَلَغَهُ فَرَجَعَ بَعْد. قُلْت: يُؤَيِّدهُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيليّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد "فَفَعَلَهُ ثُمَّ تَرَك ذَلِكَ" قَالَ: وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيل "ثُمَّ جَاءَ تَحْرِيمهَا بَعْد" وَفِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ إِسْمَاعِيل "ثُمَّ نُسِخَ". (٣)

ومما يدل على أن هذا الحديث متقدم ما جاء عند مسلم (وَنَحْنُ شَبَابٌ)

قال البيهقي: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا دَلَّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ خَيْبَرَ أَوْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنَ الهجْرَةِ وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَكَانَ الْفَتْحُ فَتْحُ خَيْبَرَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَفَتْحُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ فَعَبْدُ اللَّه زَمَنَ الْفَتْحِ كَانَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَالشَّبَابُ قَبْلَ ذَلِكَ (٤).

الوجه الثالث: الحظر مقدم على الإباحة


(١) مصنف عبد الرزاق (١٤٠٤٨).
(٢) سنن البيهقي (٧/ ٢٠١).
(٣) فتح الباري (٩/ ٢١).
(٤) سنن البيهقي (٧/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>