للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل ما قيل في قصة أبي بكر يقال في قصة عمر - رضي الله عنه -، فلم تخرج رواية أبي موسى عن كونها آحادًا، حتى بعد أن انضم إليه أبو سعيد، إلا أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يعطي درسًا في التثبت والاحتياط.

- وقد قبل عمر - رضي الله عنه - أخبارًا أخرى وقد سبق نقلها في مبحث (فعل الصحابة).

- ومثل ذلك يقال في كل ما ورد من هذا القبيل، فالصحابة إذًا لم يتوقفوا في الاحتجاج بخبر الآحاد، والعمل به، بل أجمعوا على قبوله كما سبق، وتوقُّفِ بعضهم أحيانًا لبعض الأسباب ليس توقفًا عن العمل به، قال الآمدي: (وما ردوه من الأخبار أو توقفوا فيه إنما كان لأمور اقتضت ذلك من وجود معارض، أو فوات شرط، لا لعدم الاحتجاج بها في جنسها، مع كونهم متفقين على العمل بها) (١) والله الموفق.

[الوجه الثاني: خبر الواحد يفيد العلم]

تمهيد: اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في خبر الواحد العدل إذا أخبر بخبر، ماذا يفيد خبره؟ العلم أم الظن؟ على ثلاثة أقوال:

الأول: يفيد العلم مطلقًا في جميع الأخبار الثابتة الصحيحة، ولم يخصه بواحد معين.

الثاني: يفيد الظن.

الثالث: يفيد الظن، لكن قد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن كأخبار الصحيحين.

وقبل ذكر الراجح من هذه الأقوال وأدلته، أريد أن أحرر محل النزاع.

[تحرير محل النزاع]

١ - الخبر الذي تلقاه الأئمة بالقبول تصديقًا له، أو عملًا بموجبه، يفيد العلم عند جماهير الخلف والسلف، وهذا في معنى المتواتر (٢).

٢ - خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العمل؛ لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه، وإجماع الأمة معصوم من الخطأ؛ لأنها لا تجتمع على ضلالة (٣).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٢/ ٣٠١).
(٢) مجموع الفتاوى (١٨/ ٤٨).
(٣) المصدر السابق (١٨/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>