للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (يُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى إِنَّ الذُّبَابَ لَتُحْشَرُ) (١).

[٢ - الحساب]

عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: (يقضي اللَّه بين خلقه الجن، والإنس، والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال اللَّه: كونوا ترابًا، فعند ذلك يقول الكافر: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} (٢).

فبالرغم من أن الحيوان ليس له عقل مثل الإنسان إلا أن الحيوان له إرادة وفعل يحاسب عليه، فإن اللَّه لا يظلم شيئًا، فلا يستوي الحيوان الذي يقتل ويفسد مع الحيوان الذي فيه سكينة ولطف ولا يؤذي غيره من الحيوانات، ولكن أمر الحساب الذي يكون للإنسان يختلف عما يكون للحيوان، فهما يشتركان في لفظ الحساب ولا يشتركان في كيفية الحساب.

وقال الطبري: جعلها اللَّه أجناسًا مجنسة وأصنافًا مصنفة تعرف كما تعرفون وتتصرف فيما سخرت له كما تتصرفون، ومحفوظ عليها ما عملت من عمل لها وعليها، ومثبت كل ذلك من أعمالها في أم الكتاب (٣).

قلت: وليس معنى ذلك أن الحيوان إذا كان يجري فاصطدم بإنسان أننا نأخذ من الحيوان الدية، ولكن المقصود أنه هناك من الحيوانات والطيور من يكون فاسقًا مفسدًا يشبه الإنسان الفاسق مثل: الفأرة، والغراب، فكأن حُب الإفساد هدف يسعى لتحقيقه، ومن يطلع على سلوك الحيوانات والطيور يرى ذلك واضحًا، فهل من يحب الخير ويساعد فيه كمن يحب الشر ويسعى لتحقيقه؟ ! فهذا الدلفين ينقذ الإنسان إذا غرق، وهذا أبو قردان يساعد الفلاح في حقله، وأشد ما يكرهه الفلاح الغراب والحدأة لما يحدثان من أضرار؛ فالغراب يوقع الثمار من على الشجر فلا هو يأكل الثمرة ولا هو يتركها.


(١) رواه ابن أبي حاتم ٥/ ٢٨٤ (٧٥١٣)؛ سورة الأنعام.
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١٢/ ٤١٨؛ (سورة النبأ: ٤٠) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ٤/ ٦٠٦ (١٩٦٦)، وقال: قد رواه أبو هريرة مرفوعًا, ولكن في إسناده ضعف.
(٣) جامع البيان؛ الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>