بلا أدنى ريب فإن هذا الكلام المنسوب إلى أشعيا وصف لمكة المكرمة وكعبتها الشامخة.
فالمقطع الأول:
إنما هو حديث عن موسم الحج المبارك، فيه يجتمع بنوها حولها من كل مكان، وفيه لمحة قوية جدًّا إلى نحر الهدي صبيحة العيد. ألم يشر النص إلى غنم قيدار، وقيدار هو ولد إسماعيل - عليه السلام - الذي تشعبت منه قبائل العرب. ثم ألم ينص على المذبح الذي تنحر عليه الذبائح؟ كما أشار النص ثلاث إشارات تعد من أوضح الأدلة على أن المراد بهذا النص مكة المكرمة. وتلك الإشارات هي طرق حضور الحجاج إليها. ففي القديم كانت وسائل النقل: ركوب الجمال. ثم السفن. أما في العصر الحديث فقد جدَّت وسيلة النقل الجوي "الطائرات" وبشارة أشعيا تضمنت هذه الوسائل الثلاث على النحو الآتي:
١ - الجمال، قال فيها: تغطيك كثرة الجمال.؟ !
٢ - السفن، قال فيها: وسفن ترشيش تأتى ببنيك من بعيد؟ !
٣ - النقل الجوى، وفيه يقول: من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلى بيوتها.؟ ! ! أليس هذا أوضح من الشمس في كبد السماء.
على أن النص ملئٌ بعد ذلك بالدقائق والأسرار، ومنها أن مكة مفتوحةُ الأبواب ليلًا ونهارًا لكل قادم في حج أو عمرة .. ؟ !
ومنها أن خيرات الأمم تجبى إليها من كل مكان، والقرآن يقرر هذا المعنى في قول الله تعالى:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[القصص: ٥٧].
ومنها: أن بني الغريب (يعني غير العرب) يبنون أسوارها. وكم من الأيدي العاملة الآن، وذوى الخبرات يعملون فيها ويشيدون قلاعها فوق الأرض وتحت الأرض.