للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ظل الأرض وهو يغمر الدنيا كلها، وقيل: من غيبوبة الشمس إلى طلوعها وهذا هو القول الذي قبله ولكن أورده كذا، وقيل: ظلال الأشياء كلها كقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ}، وقال أبو عبيدة: (الظل) بالغداة والفيء بالعشي. وقال ابن السِّكيت: (الظل) ما نسخته الشمس والفيء ما نسخ الشمس، وقيل: ما لم تكن عليه الشمس (ظل) وما كانت عليه فزالت (فيء).

قال البغوي: قال أبو عبيدة: (الظل): ما نسخته الشمس، وهو بالغداة، و (الفيء): ما نسخ الشمس؛ وهو بعد الزوال، سُمِّي فيئًا لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب، {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} أي: على الظل. ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل، ولولا النور لما عرفت الظلمة، والأشياء تعرف بأضدادها، {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ} يعني: الظل {إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} بالشمس التي تأتي عليه، و (القبض): جمع المنبسط من الشيء؛ معناه: أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس قبض اللَّه الظلَّ جزءًا فجزءًا {قَبْضًا يَسِيرًا} أي: خفيًا (١).

الوجه السابع: خص اللَّه ذكر الظل الذي هو من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس في هذه الآية لحكمة.

قال القرطبي: قال الحسن: مد الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

وقيل: هو من غيوبة الشمس إلى طلوعها.

والأول أصح، والدليل على ذلك أنه ليس من ساعة أطيب من تلك الساعة، فإن فيها يجد المريض راحة، والمسافر، وكل ذي علة، وفيها ترد نفوس الأموات والأرواح منهم إلى الأجساد، وتطيب نفوس الأحياء فيها، وهذه الصفة مفقودة بعد المغرب.

وقال أبو العالية: نهار الجنة هكذا، وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر.

قال حمد بن ثور: يصف سرحة: (وهو شجر كبار عظام لا ترعى وإنما يستظل فيه)


(١) البحر المحيط ٨/ ٣٦٩ (الفرقان: ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>