للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجب على المرأة الخروج إلى الجهاد، إذا كان الكفار ببلادهم غير قاصدين بلدة من بلاد المسلمين، وذلك لما رُوي عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رسول اللَّه، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: "لَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ، حَجٌّ مَبْرُورٌ" (١).

فأفاد هذا الحديث أن المرأة لا يجب عليها القتال في سبيل اللَّه؛ إذ لم يأذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعائشة في الخروج إليه.

وأما إذا دخل الكفار بلدة من بلاد المسلمين، فذهب الفقهاء إلى أنه يتعين على المرأة في هذه الحالة الجهاد، بحسب قدرتهن. واللَّه أعلم.

سابعًا: خروج المرأة لقضاء حوائجها الضرورية

يجوز خروج المرأة للبيع والابتياع، وطلب حقها عند القاضي، وحضور خصومة هي طرف فيها، ونحو ذلك من حوائجها التي يقضي العرف خروج مثلها لها، وإن لم يأذن لها الزوج في ذلك إن كانت ذات زوج، دلَّ على ذلك ما يلي:

١ - عَنْ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-، قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا الحِجَابُ، لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً (٢) تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمًا لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا (٣)، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ واللَّه مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ؟ قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، ورسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفى يَدِهِ عَرْقٌ (٤) فَدَخَلَتْ، فَقَالَتْ: يَا رسول اللَّه إِنِّي خَرَجْتُ لبعض حاجتي، فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَأوحى اللَّه إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ، وَإِنَّ الْعَرْقَ في يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ (٥).


(١) البخاري (١٥٢٠).
(٢) (جسيمة) أي: عظيمة الجسم.
(٣) (لا تخفى على من يعرفها)، يعني: لا تخفى إذا كانت متلففة في ثيابها ومرطها في ظلمة الليل ونحوها، على من سبقت لها معرفة طولها؛ لانفرادها بذلك.
(٤) العرق: هو العظم الذي عليه بقية لحم.
(٥) البخاري (١٤٦)، ومسلم (٢١٧٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>