هذا رد على من يقول أنهم كانوا لا يستطيعون أن يحدثوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح لدل على أن المنع كان على وجه مخصوص أو لسبب عارض.
[الشبهة السادسة: عزل عمر - رضي الله عنه - له عن ولاية البحرين.]
من الشبه التي أثارها بعض أهل الأهواء أيضًا، قولهم: إن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عزل أبا هريرة - رضي الله عنه - عن ولاية البحرين، وضربه بالدرة؛ وقال له: يا عدو الله، وذلك لما رآه قد كثرت عنده الأموال، وهذا أمر يثير الشك في أمانته.
أولًا: بالنسبة لعزل عمر - رضي الله عنه - لأبي هريرة.
والرد على ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: ذكر الأثر في ذلك، وبيانه.]
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال: لي عمر يا عدو الله وعدو كتابه أسرقت مال الله؟ قال فقلت: ما أنا بعدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، ولا سرقت مال الله، قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف؟ قال قلت: يا أمير المؤمنين خيلي تناسلت وسهامي تلاحقت وعطائي تلاحق، قال فأمر بها أمير المؤمنين فقبضت، قال فكان أبو هريرة يقول: اللهم اغفر لأمير المؤمنين (١).
هذا الأثر وإن كان حسنا؛ فليس فيه ما يدل على الشك في أبي هريرة، وبيانه في الوجوه التالية:
الوجه الثاني: لم يكن عمر - رضي الله عنه - شاكًا في أمانة أبي هريرة، وإنما أراد بمساءلته ليقطع التساؤل.
لم يكن عمر - رضي الله عنه - شاكًا في أمانة أبي هريرة - رضي الله عنه - حني عزله عن ولاية البحرين، وإنما أراد بمساءلته له وعزله أن يقطع التساؤل حول ما نمى عنده من مال بعد ولايته للبحرين، وإن كان ذلك المال محدودًا، ولكن كما يقول المثل:"إذا لبس الفقير جديدًا قيل: من أعطاك هذا"؟ وعلى افتراض أنه كان شاكًا في أمانته، فإن هذا الشك قد زال بعد سؤاله له عن
(١) حسن. أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/ ٢٤٩، والبلاذري في فتوح البلدان (٢٥٦) من طريق أبي هلال. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/ ٢٥٠ من طريق ابن عون. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٧٠ من طريق أيوب السختياني. كلهم (أبو هلال وابن عون وأيوب) عن ابن سيرين عن أبي هريرة به.