للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.

وأما لماذا لم يتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الأمر؟ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرى زينب للمرة الأولى، فهي بنت عمته، ولقد شاهدها منذ ولدت، وحتى أصبحت شابة، أي شاهدها مرات عديدة، فلم تكن رؤيته لها مفاجأة، كما تصور القصة الكاذبة! ولو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل أي ميل نحو زينب - رضي الله عنها - لتقدم بزواجها، وقد كان هذا أملها، وأمل أخيها حين جاء - صلى الله عليه وسلم - يخطبها منه، فلما صرح لهما بزيد، أبيًا، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} (الأحزاب: ٣٦) فقالا: رضينا بأمر الله ورسوله، وكانت هذه الآية توطئة وتمهيدًا لما ستقرره الآيات التالية لها من حكم شرعي يجب على المؤمنين الانصياع له، وامتثاله والعمل به، وتقبّله بنفس راضية، وقلب مطمئن، وتسليم كامل. (١)

وخلاصة هذا الوجه أن زواجها من زيد كان بأمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وكان فيه توطئة لتحريم التبني لكي يكون البدأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

[الوجه الثالث: أن قولهم رآها فوقعت في قلبه أو أعجبته، إما أن يكون رآها قبل الدخول حالة الاستئذان، وإما أن يكون دخل وكلاهما باطل.]

أما الأول فلأنه - صلى الله عليه وسلم - علمنا أن للاستئذان آداب منها:

النهي عن أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن. كما قال الله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (النور: ٢٧ - ٢٨).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حل


(١) رد الشبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعماد الشربيني (صـ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>