فكان في البيتين تدل على الحالة الدائمة المستمرة وليس الإخبار عما مضى.
الوجه الثاني: كان تفيد الماضي حسب بنيتها، ولكنها تأتي للراهن والمستقبل أيضًا.
وإن أريد بـ (كان) وما يتفرع عنها الماضي ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: معناه كان في اللوح المحفوظ.
ثانيها: معناه منذ بداية الخلق والوجود.
ثالثها: كان أي مذ كان هذا الوصف للمتصف، أي ما زال.
وقد يكون المعنى في الراهن والمستقبل:
قال ابن قتيبة وقد يأتي الفعل على بنية الماضي، وهو راهن، أو مستقبل، كقوله تعالى:{كُنْتُمْ} ومعناه: أنتم، ومثله:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ. .}(المائدة ١١٦) أي: (وإذ يقول). ومثله:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ. . .}(النحل: ١)، أي: سيأتي، ومثله: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)} (مريم: ٢٩) أي: من هو في المهد، ومثله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)} (النساء: ١٣٤) أي: واللَّه سميع بصير، ومثله:{فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ}(فاطر: ٩) أي: فنسوقه. (١)
[الوجه الثالث]
كان: عبارة عن وجود الشيء في زمان ماضٍ على سبيل الإبهام، وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ، ومنه قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(النساء: ٩٦).
توضيح: لا تدل على (عدم سابق)، هذا إذا لم تكن بمعنى صار، فإذا كانت بمعنى (صار) دلت على عدم سابق، فإذا قلت: كان زيد عالمًا، بمعنى صار عالمًا دل على أنه انتقل من حالة الجهل إلى حالة العلم.