قد أكثر الناس في المنسوخ من عدد ... وأدخلوا فيه آيا ليس تنحصر
وهاك تحرير آي لا مزيد لها ... عشرين حررها الحذاق والكبر
آي التوجه حيث المرء كان وأن ... يوصي لأهليه عند الموت محتضر
وحرمة الأكل بعد النوم من رفث ... وفدية لمطيق الصوم مشتهر
وحق تقواه فيما صح من أثر ... وفي الحرام قتال للألي كفروا
والاعتداد بحول مع وصيتها ... وأن يدان حديث النفس والفكر
والحلف والحبس للزاني وترك أولى ... كفروا شهادتهم والصبر والنفر
ومنع عقد لزان أو لزانية ... وما على المصطفى في العقد محتظر
ودفع مهر لمن جاءت وآية نجـ ... ـواه كذاك قيام الليل مستطر
وزيد آية الاستئذان من ملكت ... وآية القسمة الفضلى لمن حضروا (١)
[الوجه الثاني: موقف العلماء من النسخ.]
قال الزرقاني: العلماء في موقفهم من الناسخ والمنسوخ يختلفون بين مقصر ومقتصد وغال، فالمقصرون هم الذين حاولوا التخلص من النسخ إطلاقا سالكين به مسلك التأويل بالتخصيص ونحوه.
والمقتصدون هم الذين يقولون بالنسخ في حدوده المعقولة فلم ينفوه إطلاقًا ولم يتوسعوا فيه جزافًا كالغالين، بل يقفون به موقف الضرورة التي يقتضيها وجود التعارض الحقيقي بين الأدلة مع معرفة المتقدم منها والمتأخر، والغالون هم الذين تزيدوا فأدخلوا في النسخ ما ليس منه بناء على شبه ساقطة، ومن هؤلاء أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ، وهبة الله بن سلامة، وأبو عبد الله محمد بن حزم وغيرهم فإنهم ألفوا كتبا في النسخ أكثروا فيها من ذكر الناسخ والمنسوخ اشتباها منهم وغلطا. ومنشأ تزيدهم هذا أنهم انخدعوا بكل ما نقل عن السلف أنه منسوخ، وفاتهم أن السلف لم يكونوا يقصدون