الوجه الثالث: الآية فيها رد عليهم حيث جاء في آخرها {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}:
قال محمد رشيد رضا: ومما يجب التنبيه له هنا أن دعاة النصرانية يحتجون بهذه الآية وما في معناها على كون التوراة التي في أيديهم وأيدي اليهود هي ما أنزله الله تعالى على موسى، لم يعرض لها تغيير ولا تحريف، وذلك أنهم كأولئك اليهود الذين يأخذون من القرآن أهوائهم ويردون ما يخالفها جدلًا، والمؤمنون يؤمنون بالكتاب كله، فالكتاب بيّن لنا أن عندهم التوراة أي الشريعة، وأن فيها حكم الله في القضية التي تحاكموا فيها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد صدق الله تعالى وهو أصدق القائلين، وبيّن لنا أيضًا أنهم حرفوا الكلم عن مواضعه ومن بعد مواضعه، وأنهم نسوا حظًّا مما ذُكروا به، وإنما أوتوا نصيبًا من الكتاب إذ نسوا نصيبًا آخر وأضاعوه، وقد صدق الله تعالى في ذلك أيضًا، ولما خرجت أمة القرآن