للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١)} الآية وهو أيضًا نوع آخر من التساؤل ليس فيه أكثر من الاستئناس دون دفع مضرة عمن يتكلم معه أو جلب منفعة له (١).

[الوجه الثاني: الآيات متعلقة بما قبلها وما بعدها.]

قوله تبارك وتعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} وقال في موضع: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)}.

فلا تنافي بين الآيتين، فإن قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)} (الصافات ٢٤: ٢٦) مسؤولون أي: سؤالًا نصه: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} وذلك في الآيات السابقة لها، فهو سؤال توبيخ وتبكيت، لا سؤالًا عن ذنبهم.

الوجه الثالث: {لَا يَتَسَاءَلُونَ} فلا افتخار بالأنساب والأحساب كما كان في الدنيا، ولا يسأل اللَّه أحدًا عن حسبه ولا عن نسبه ولا عن قرابته.

عن قتادة في الآية قال: ليس أحدٌ من الناس يسأل أحدًا بنسبه ولا بقرابته شيئًا.

وعن ابن جريج في الآية قال: لا يُسأل أحدٌ يومئذ بنسب شيئًا، ولا يَنْمِي إليه برحم.

قال ابن الجوزي: قوله تعالى {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في الكلام محذوف تقديره: لا أنساب بينهم يومئذ يتفاخرون بها أو يتقاطعون بها؛ لأن الأنساب لا تنقطع يومئذ إنما يرفع التواصل والتفخار بها (٢).

قال الآلوسي: وقيل المنفي التساؤل بالأنساب، فكأنه قيل بينهم: لا يسأل بعضهم بعضًا بها، والمراد أنها لا تنفع في نفسها وعندهم، والآية في شأن الكفرة، وتساؤلهم المثبت في آية أخرى ليس تساؤلًا بالأنساب، وهو ظاهر فلا إشكال (٣).

بل إنه يفرح المرء أن يكون له الحق على والده؛ وهذا ما قاله ابن مسعود وسيأتي قريبًا.


(١) روح المعاني ١٨/ ٦٥ (المؤمنون: ١١٠).
(٢) زاد المسير ٤/ ٤٢٦ (المؤمنون: ٩٩).
(٣) روح المعاني ١٨/ ٦٥، قوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>