للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَفْسَدَةً في نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: مَا يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى الْمَفْسَدَةِ؛ فَصَارَ سَدُّ الذَّرَائِعِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْحَرَامِ أَحَدَ أَرْبَاعِ الدِّينِ (١).

فقاعدة سد الذرائع ثابتة في شريعتنا, ولهذا اعتنت الشريعة كل الاعتناء بكل الأسباب والوسائل والدوافع المؤدية إلى الزنا، ومنعت من ذلك سدًا للذريعة، ففي {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، يقول تعالى ناهيًا عباده عن الزنا وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه (٢).

وقال القرطبي: قال العلماء: قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} أبلغ من أن يقول: ولا تزنوا، فإن معناه لا تدنوا من الزنى (٣).

فالقرب المنهي عنه هو أقل الملابسة، وهو كناية عن شدة النهي عن ملابسة الزنا، وقريب من هذا المعنى قولهم: ما كاد يفعل (٤).

فرب العزة سبحانه وتعالى يحذرنا من المقاربة لهذه الجريمة، فالزنى مئنة لإضاعة الأنساب ومَظنّةٌ للتقاتل والتهارج فكان جديرًا بتغليظ التحريم قصدًا وتوسلًا (٥).

قال السعدي: والنهي عن قربان الزنا أبلغ من النهي عن مجرد فعله لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" (٦).

وهذه بعض الضروب والوجوه مما ورد في الكتاب والسنة من سد الذرائع الموصلة إلى فاحشة الزنا:

١ - شهود طائفة من المؤمنين للحدود وهي تقام:


(١) إعلام الموقعين ٣/ ١٣٠.
(٢) تفسير ابن كثير ٣/ ٥٥.
(٣) تفسير القرطبي ١٠/ ٢٢٢.
(٤) التحرير والتنوير ١/ ٢٤٥٣.
(٥) التحرير والتنوير ١/ ٢٤٥٣.
(٦) تفسير السعدي ١/ ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>