فلعل أصحاب هذه الشبهة يعترضون على هذا الجواب ويقولون العبرة ليست بعدم نزول حكم قتل النفس ولكن العبرة بحرمة قتل النفس عمومًا في كل التشريعات.
فنرد عليهم لأنه بذلك يلزمهم الأخذ بكل الأحكام الشرعية ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة" إلى آخر الحديث الذي أشرنا إليه آنفًا. وبذلك تدفعهم أن هذه الفعلة أو المحاولة من النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب له عليها أجر إذ أنه همّ بالفعل ولم يفعله.
أفيكون المأجور ملامًا على فعله؟ ! !
[الوجه الخامس: إثبات حدوث الانتحار في الكتاب المقدس]
قديمًا قال القائل:"رمتني بدائها وانسلت" وهذا المثل يطلق على نوعية من البشر إذا أرادوا أن يأخذوا عقول الناس وتفكيرهم عن رؤية عيوبهم ومساوئهم الظاهرة يرمونك أنت بهذا العيب وهذا النقص كي تنشغل به عن رؤيته فيهم.
فهذا المثل ينطبق بالضبط على النصارى الذين أثاروا شبهة محاولة النبي - صلى الله عليه وسلم - الانتحار، وكذبوا فهو المبرء من كل نقيصة والمنزه عن كل رذيلة، أعظم الناس خُلقًا وخَلقًا.
وهذا هو الذي عهدناه من النصارى أن يثيروا شبهة حول الإسلام هي في الأصل حقيقة ثابتة عندهم ولاقتها كتبهم التي يحتجون بها علينا.
ومصداقًا لقول ربنا -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، فقد وقفت على نص في الكتاب المقدس ثبت فيه الانتحار فعلا وليس المحاولة وهذا وقع في الكتاب المقدس سفر صموئيل الأول ٣٠/ ١٩ - ٣١/ ٩، وإليك نص الكلام:
(١) أخطأ في كتابة هذا اللفظ لفظ (موت) لأنه لم يمت ميتة طبيعية ولكنه قتل نفسه فكان الصواب أن يقول (وانتحار شاول) لأن من يقتل نفسه لا يسمى موتًا، ولكن يسمى إنتحارا أو إزهاقا للنفس أو التخلص منها.