للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعارض بهذا المعنى ليس موجودًا في شريعة رب العالمي ولله الحمد والمنة (١).

[الادلة على عدم وقوع هذا النوع في الشريعة.]

الدليل الأول: قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩]، وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣، ٤].

وما كان من عند الله تعالى فلا اختلاف فيه ولا تعارض لقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢].

قال الطبري: يعني جل ثناؤه بقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}: أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم -يا محمد- كتاب الله؛ فيعلموا حجّة الله عليهم في طاعتك، واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم؛ لاتِّساق معانيه، وائتلاف أحكامه، وتأييد بعضه بعضًا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق، فإن ذلكٍ لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض. (٢)

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا يتدارءون في القرآن؛ فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضًا؛ فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوه، وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه". (٣)


(١) وهو موجود بيقين في شريعة اليهود والنصارى المحرفة، وقد أثبتنا عليهم التمانع والتناقض والتضاد على المعنى الذي مرَّ، بحيث لا يمكن لهم بحال الجمع بين النصين، فلما رأوا ذلك قذفوا شريعة الإسلام بذلك تطبيقا للمثل: رمتني بدائها وانسلت، وانظر تفصيل هذه القضية في بحث التحريف من هذه الموسوعة.
(٢) تفسير الطبري (٨/ ٥٦٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢٠٣٦٧)، وأحمد في المسند (٢/ ١٨١)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٨١٢) والطبراني في الأوسط (٥١٥) من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، والحديث حسنه الألباني في المشكاة (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>