كتب هذا أيضًا، لأننا نعلم أن للرب من القدرة، بحيث يوحي إلى موسى بالضبط الكيفية التي يموت بها، ويوحي إليه بدقة الهيئة التي تكون عليها جنازته، وهذا ليس بمعضل على الرب".
وليس من دليل يؤيد هذا الزعم سوى ما ذكرته النصوص التوراتية والإنجيلية. (١)
لكن عند الرجوع إلى هذه الأسفار والتمعن فيها يتبين أنها كتبت بعد موسى عليه السلام بوقت طويل، وفيما يلي بعض هذه الأدلة:
١ - قصر توراة موسى بالنسبة إلى التوراة الحالية.
• تحدثت أسفار العهد القديم عن توراة موسى، في سفر التثنية "وَكَتَبَ مُوسَى هذه التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لَاوِي حَامِلي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلجِميعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ." (التثنية ٣١/ ٩ - ١٠) وكان ينبغي أن تكون نهاية التوراة هنا، ولكن الذي نراه أنه جاء بعدها ثلاث إصحاحات، والمفروض أن التوراة سلمت للكهنة من بني لاوي، مما دل على أن المكتوب من قبل موسى ليس النص الذي يحكي القصة.
• أن توراة موسى قصيرة، فإن أسفاره الخمسة تبلغ ٤٠٠ صفحة، والذي كتبه موسى قصير جدًّا بالنسبة إلى الأسفار الخمسة، فقد أمر موسى بجمع بني إسرائيل نساءً وأطفالًا ورجالًا، بل وحتى الغريب المار بأرضهم، أمر بجمعهم كل سبع سنين في عيد المظال لتقرأ عليهم التوراة (انظر التثنية ٣١/ ٩ - ١٢)، ولو كانت بالطول الذي بين أيدينا اليوم لشق سماع هؤلاء جميعًا وعسُر طول مكثهم لسماعها.
• ومن الدلائل على قصر توراة موسى أنه أمر بكتابتها على جدران المذبح "فَيَوْمَ تَعْبُرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهًا، تُقِيمُ لِنَفْسِكَ حِجَارَةً كَبِيرَةً وَتَشِيدُهَا بِالشِّيدِ، ٣ وَتَكْتُبُ عَلَيْهَا جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ، حِينَ تَعْبُرُ لِكَيْ تَدْخُلَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهًا .... ٨ وَتكْتُبُ عَلَى الحجَارَةِ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ نَقْشًا جَيِّدًا". "