[٥ - شبهة: حول قتل موسى - عليه السلام - للقبطي.]
[نص الشبة]
قال الله - عز وجل -: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧)} (القصص ١٥: ١٧).
احتج بهذه الآيات من طعن في عصمة الأنبياء من وجوه:
أحدها: أن ذلك القبطي إما أن يكون مستحقًا القتل أو لم يكن كذلك، فإن استحق القتل فلمَ قال: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} ولمَ قال: {ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} وقال في سورة أخرى: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٢٠]، وإن لم يستحق القتل كان قتله معصيةً وذنبًا.
وثانيها: أنَّ قوله: {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} يدل على أنه كان كافرًا حربيًا، فكان دمه مباحًا، فَلِمَ استغفر عنه؟ والاستغفار من الفعل المباح غير جائز؛ لأنه يوهم في المباح كونه حرامًا.
وثالثها: أَنَّ الوكز لا يحصل عنه القتل ظاهرًا، فكان ذلك قتل خطأ، فَلِمَ استغفر منه؟
والرد على ذلك من وجوه:
[الوجه الأول: الأنبياء معصومون من الوقوع في الكبائر.]
الوجه الثاني: أن موسى - عليه السلام - لم يتعمد قتله، وإنما قصد دفعه.
الوجه الثالث: أن فعل موسى - عليه السلام - كان على سبيل دفع الظالم.
الوجه الرابع: إشكالات، والرد عليها.
وإليك التفصيل،
[الوجه الأول: الأنبياء معصومون من الوقوع في الكبائر.]
أننا قد بينا في مقدمة عصمة الأنبياء أن الأنبياء معصومون من الوقوع في الكبائر قبل وبعد النبوة، والذي حدث من نبي الله موسى - عليه السلام - لا يعد من الكبائر. (١)
(١) روح المعاني ٢٠/ ٥٤، فتح البيان ١٠/ ١٠٠.