[الاستدلال بالآيات الكونية وغيرها على وجود الله سبحانه وتعالى.]
وهذا من أعظم الأدلة فائدةً، وأسهلها طريقةً، وأسرعها نتيجةً، وأسلمها وأبعدها عن الخطأ.
ولذلك لما سئل بعض الأعراب عن وجود الرب تبارك وتعالى؟ فقال: يا سبحان الله، إن البعرة لتدل على البعير، وإن أثر الأقدام لتدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج؟ ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟
وقال أبو نواس وقد سئل عن ذلك:
تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لُجين شاخصات ... بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ... بأن الله ليس له شريك
وقال آخر:
سل الواحة الخضراء والماء جاريا ... وهذي الصحاري والجبال الرواسيا
سل الروض مزدانًا سل الزهر والندى ... سل الليل والإصباح والطير شاديا
وسل هذه الآنام والأرض والسما ... وسل كل شيء تسمع الحمد ساريا
فلو جن هذا الليل وامتد سرمدًا ... فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيًا
وأول سورة نزلت في القرآن ذكرت هذا حيث يقول سبحانه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)} (العلق: ١ - ٢). فذكر الخلق مطلقًا ومقيدًا؛ ليذكر أن هذا الخلق لابد له من خالق، وهذا ما يسميه دليل الخلق والآيات في هذا المعنى كثيرة.
قال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)} (الطارق: ٥ - ٦).
وقال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)} (الغاشية ١٧: ٢٠).
وقال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)} (الطور: ٣٥).