للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمخلوق ولا تتصور في حق الخالق، بل المحب لربه يحب أن الناس كلهم يحبونه، ويذكرونه، ويعبدونه، ويحمدونه، ولا شيء أقر لعينه من ذلك بل هو يدعو إلى ذلك بقوله وعمله (١). وفي الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبة الكسوف: "والله يا أمة محمد ما أحدٌ أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته". (٢)

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس شيء أغير من الله؛ من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله؛ من أجل ذلك أثنى على نفسه، ولا أحد أحاب إليه العذر من الله؛ من أجل ذلك أرسل الرسل" (٣).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يغار، والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه". (٤)

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن يغار، والله أشد غيرة". (٥)

وملاك الغيرة وأعلاها ثلاثة أنواع: غيرة العبد لربه أن تنتهك محارمه وتضيع حدوده، وغيرته على قلبه أن يسكن إلى غيره وأن يأنس بسواه، وغيرته على حرمته أن يتطلع إليها غيره، فالغيرة التي يحبها الله ورسوله دارت على هذه الأنواع الثلاثة، وما عداها فإما: من خدع الشيطان، وإما بلوى من الله، كغيرة المرأة على زوجها أن يتزوج عليها. (٦)

[الوجه الثاني: بيان أن غيرة المرأة على زوجها أمر فطري طبعي لا تستطيع المرأة دفعه عن نفسها.]

ومن حاول ذلك فقد حاول منها في أمر خلاف ما تقدر عليه، في صفة لازمة للمرأة التي يبحث القوم عن نصرتها وتخليصها من الظلم، أم أن التي يتكلمون عنها ليست امرأة؟ !

وبيان ذلك ما يلي:


(١) روضة المحبين (٢٧٤).
(٢) البخاري (٤٩٢٣)، ومسلم (٩٠١) من حديث عائشة
(٣) البخاري (٤٣٥٨، ٤٣٦١، ٤٩٢٢، ٦٩٦٨)، ومسلم (٢٧٦٠).
(٤) البخاري (٤٩٢٥)، ومسلم (٢٧٦١).
(٥) مسلم (٢٧٦٢).
(٦) روضة المحبين (٢٩٥ - ٣١٦) بتصرف، وانظر: فيض القدير ٢/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>