للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث: "أَهْل القرآن هم أَهْلُ الله وخاصَّته" (١) أَي: حَفَظة القرآن العاملون به هم أَولياء الله والمختصون به اختصاصَ أَهْلِ الإِنسان به، وفي حديث أَبي بكر - رضي الله عنه - في استخلافه عمر أَقول له إِذا لَقِيتُه: اسْتعملتُ عليهم خَيْرَ أَهْلِكَ يريد خير المهاجرين، وكانوا يسمُّون أَهْلَ مكة أَهل الله تعظيمًا لهم، كما يقال بيت الله، ويجوز أَن يكون أَراد أَهل بيت الله؛ لأَنهم كانوا سُكَّان بيت الله.

وأَهْلُ الذهب مَنْ يَدين به، وأَهْلُ الإِسلام مَن يَدِين به، وأَهْلُ الأَمر وُلاتُه، وأَهْلُ البيت سُكَّانه، وأَهل الرجل أَخَصُّ الناس به، وأَهْلُ بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أَزواجُه وبَناته وصِهْرُه أَعني: عليًّا - رضي الله عنه -، وقيل: نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - والرجال الذين هم آله، وفي التنزيل العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} (٢)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - لنوح - عَلَيْهِ السَّلَام -: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} قال الزجاج: أَراد ليس من أَهْلِك الذين وعدتُهم أَن أُنجيهم، قال: ويجوز أَن يكون ليس من أَهل دينك وأَهَلُ كل نَبيٍّ أُمَّته، ومَنْزِلٌ أَهِلٌ أَي: به أَهْلُه، ومكان آهِلٌ له أَهْل. (٣)

الوجه الثاني: معنى الأهل في قوله: {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}.

إن المَعْنِيَّ من الأهل في قوله: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: ٧٦] جاء على عدة معان؛ منها:

١ - أهله في الذين آمنوا به: قال ابن كثير: يخبر تعالى عن استجابته لعبده ورسوله نوح - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حين دعا على قومه لما كذبوه: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠)} [القمر: ١٠]، {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)} [نوح: ٢٦ - ٢٧]، ولهذا قال هاهنا: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: ٧٦] أي: الذين آمنوا به كما قال: {وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ


(١) أخرجه ابن ماجة (٢١٥)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢١٥٦).
(٢) القراءة {أَهْلَ} بالنصب على المدح كما قال: بك الله نرجو الفَضْل، وسُبْحانك الله العظيمَ، أَو على النداء كأَنه قال: يا أَهل البيت.
(٣) لسان العرب لابن منظور (١١/ ٢٩: ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>