وإذا نظرنا إلى أي حاكم وهو يحكم بالسجن على مجرمين، والإعدام على آخرين وغير ذلك من العقوبات، وأعطى أقواما وقربهم منه؛ لأنهم طائعين له ومنفذين لأوامره، فهل نقول عليه أنه ظالم؛ لأنه فرق بين الناس! ! .
بالبديهي: أنَّ كل إنسان عاقل سوف يقول: إن هذا من العدل.
ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى. هو الملك، وهو بيده مقاليد السماوات والأرض. فلا يسوي بين طائع ومجرم كما قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} [القلم: ٣٥، ٣٦].
وغيرها من الآياتِ التي توعد الله تعالى بها المجرمين المنحرفين عن طريق الهدى أمثال اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر.
فهذا العذاب جزاء إجرامهم وكفرهم بالله تعالى الذي خلقهم وعبدوا غيره.
الوجه الثاني: الآيات التي فيه أن الشيطان يُضل.
فإذا كان الله تعالى له الملك وله الأمر وله الخلق سبحانه يفعل في ملكه ما يشاء، فيضل من يشاء عدلا منه سبحانه؛ لأن العبد اختار الضلال، ويهدي من يشاء رحمة منه سبحانه؛ لأن العبد اختار الهدى فوفقه للهدى.
فإن الشيطان سواء كان من الإنس أو من الجن يضل؛ بمعنى أنه يدعو إلى طريق الضلال، لا أنه يملك الضلال. ولا سلطان له على الخلق.
والدعوة إلى الخير أو الشر شيء جعله الله من اختيار العبد، وعلى ذلك رتب الثواب والعقاب.