للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الراهب بحيرى لم يكن من سكان مكة بل قد كان يسكن على مسافة بعيدة عنها، فكيف تمكن من تعليم محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو صبي كتابًا ضخمًا في زيارة واحدة؟ ! ولماذا انتقى بحيرى محمدًا بالذات وأعطاه هذا التشريع، ولم يعطه لابنه أو قريبه أو يدَّعيه لنفسه؟ ! ولماذا لم يحدث ذلك قبل حياة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ هل نفهم أن النصارى بقوا بدون كتاب لمئات من السنين؟ .

٣ - فكل آية نزلت بعد وقوع حدث معين، وهذا ما يسمى في التفسير بأسباب النزول، يعني كان بحيرى مستخفيًا في مكة ثم في المدينة وظل يملي عليه القرآن عند وقوع كل حدث.

٤ - ولا يعقل أن يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ عنه، وهو في هذه السن شيئًا. . . وأنى "لبحيرى" وما حواه الوحي الإلهي قرآنًا وسنة، من علوم وأخبار ماضية ومستقبلة؟ هذا لو فرضنا أنه يمكن أن يكون قد أخذ عنه شيئًا.

إن الباحث المنصف لو استنطق التاريخ، ما زاد على أن يقول له: إن الراهب "بحيرى" لما رآه تظله سحابة من الشمس، ورأى فيه بعض أمارات النبوة ذكر لعمه، أنه سيكون له شأن، وحذره أن تناله اليهود بأذى. (١)

الوجه التاسع: لا يليق أبدًا بقس كبحيرى أن يحلف باللات والعزى حتى ولو كان يختبر محمدًا - صلى الله عليه وسلم -

جاء في قصة بحيرى الراهب أنه استحلف النبي - صلى الله عليه وسلم - باللات والعزى حينما لقيه بالشام في سفرته مع عمه أبى طالب وهو صبى، لما رأى فيه علامات النبوة، فقال بحيرى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا غلام أسألك باللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه، وإنما قال له بحيرى ذلك؛ لأنه سمع قومه يحلفون بهما. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسألني باللات والعزى شيئًا، فوالله ما أبغضت بغضها شيئًا قط". (٢)

وهو من قول ابن إسحاق. وذلك ردًا على من يأخذ بقول ابن إسحاق ليرد علينا.


(١) رد شبهات حول عصمة النبي ١/ ٤٤٦.
(٢) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ١/ ١٧٢ رقم ١١٠، والبيهقي في دلائل النبوة ٢/ ٢٦ - ٢٩، كلاهما من طريق ابن إسحاق. وذكره ابن إسحاق في السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>