للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما أراد أن يخصه بهبة: "لا تشهدني على جور" (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعدلوا بين أولادكم" (٢)، وظاهر هذه الأحاديث وجوب العدل بين الأولاد والتسوية بينهم في العطية.

والمقصود أن التفضيل في المحبة بناءً على الصفات والأخلاق ليس من التفضيل المنهي عنه لذلك لم يكن يعقوب - عليه السلام - مخطئًا، ولا مخالفًا للأولى في شدة محبته ليوسف - عليه السلام - وأخيه على بقية أبنائه (٣).

[الشبهة الثانية: كيف يفعل إخوة يوسف هذا الكذب والحسد وتضييع الأخ، وحل هذا يقدح في عصمتهم ونبوتهم، فكيف يليق هذا بهم وهم أنبياء؟]

والرد عليها كم يلي:

١ - الأمر كما ذكرتم، إلا أن المعتبر عندنا عصمة الأنبياء عليهم السلام في وقت حصول النبوة، وأما قبلها فذلك غير واجب، والله أعلم.

٢ - وقيل إنهم كانوا في هذا الوقت مراهقين وما كانوا بالغين.

٣ - وقيل أن هذا الفعل من باب الصغائر (٤).

٤ - أين الدليل على أنهم أنبياء؟ اعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف - عليه السلام -، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك، وفي هذا نظر. ويحتاج مُدّعي ذلك إلى دليل، ولم يذكروا سوَى قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: ١٣٦]، وهذا فيه احتمال؛ لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم: الأسباط، كما يقال للعرب: قبائل، وللعجم: شعوب. يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل، فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف، ولم يقم


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥٠)، ومسلم (١٦٢٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٨٧)، ومسلم (١٦٢٣).
(٣) تأملات في سورة يوسف (ص: ٣٥، ٣٦).
(٤) تفسير الرازي (٩/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>