للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتمدين في تأليفها على روايات سماعية سمعوها قبل أسر بابل، ويقول نولدكة في كتابه (اللغات السامية): جمعت التوراة بعد موسى بتسعمائة سنة، واستغرق تأليفها وجمعها زمنًا متطاولًا تعرضت حياله للزيادة والنقص، وإنه من العسير أن نجد كلمة متكاملة في التوراة مما جاء به موسى. (١)

ثانيًا: العهد الجديد:

من هو الكاتب الحقيقي لإنجيل متى؟ في الإجابة عن السؤال نقول: نتائج الدراسات الغربية التي أكدت أن هذا الإنجيل قد كتبه غير متى التلميذ، ونسبه إليه منذ القرن الثاني، ولربما يكون هذا الكاتب تلميذًا في مدرسة متى. ويحاول كولمان وشراح الترجمة المسكونية تحديد بعض الملامح لهذا الكاتب، فالكاتب -كما يظهر في إنجيله- مسيحي يهودي يربط بين التوراة وحياة المسيح، وهو كما يصفه كولمان: يقطع الحبال التي تربطه باليهودية مع حرصه على الاستمرار في خط العهد القديم، فهو كاتب يهودي يحترم الناموس، ويعتبر بذلك من البعيدين عن مدرسة بولس الذي لا يحترم الناموس، بينما يقول هذا الكاتب: فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذ الْوَصَايَا الصُغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. (متى ٥/ ١٩). (٢) ومما يؤكد براءة متى من كتابة هذا الإنجيل أن كثيرًا من الشراح والمحققين يرون -كما سبق بيانه- أن الإنجيل كتب بعد سنة ٧٠ م، وهي السنة التي مات فيها متى.

ولو تساءلنا أين الإنجيل الذي كتبه متى كما جاء في شهادة بابياس في القرن الثاني الميلادي؟

وفي الإجابة عن السؤال نقول: ذكر بابياس أن متى كتب وجمع أقوال المسيح، وما نراه في الإنجيل اليوم هو قصة كاملة عن المسيح، وليس جمعًا لأقواله، كما أن عدم صحة نسبة هذا الإنجيل إليه لا تمنع من وجود إنجيل آخر قد كتبه، ولعل من المهم أن نذكر بأن في الأناجيل التي رفضتها الكنيسة إنجيلًا يسمى إنجيل متى، فلعل بابياس عناه بقوله.


(١) الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، يحيى ربيع (١٠٠)، الكتاب المقدس في الميزان، عبد السلام محمد (٩٧ - ٩٨).
(٢) التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاي (٨ - ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>