منها بحق وعدل ومجازاة على القبيح فهو حسن محمود، فإن المخادع إذا خادع بباطل وظلم حسُن من المجازي له أن يخدعه بحقٍ وعدلٍ - إلى أن قال - إذا عرف ذلك فنقول: إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقًا، ولا ذلك داخل في أسمائه الحسنى - إلى أن قال - أن الله سبحانه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد عُلِم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق، فكيف من الخالق سبحانه؟ ، وهذا إذا نزلنا على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، وأنه سبحانه منزه عما يقدر عليه مما لا يليق بكماله، ولكنه لا يفعله لقبحه وغناه عنه، وإن نزلنا ذلك على نفي التحسين والتقبيح عقلًا وأنه يجوز عليه كل ممكن ولا يكون قبيحًا، فلا يكون الاستهزاء والمكر والخداع منه قبيحًا البتة، فلا يمتنع وصفه به ابتداءً لا على سبيل المقابلة على هذا التقرير. اهـ. (١)
[الوجه الثامن: ماذا في كتبهم المقدسة لديهم من صفة المكر؟]
ولنعرض هنا بعض ما جاء في كتبهم ورسائلهم المقدسة من صفة المكر.
جاءت صفة المكر في كتبهم مقارب للمعنى الذي ذكرناه.
أولًا: كونه صفة مذمومة
جاء في مزامير داود (١١٩: ١١٨): احْتَقَرْتَ كُلَّ الضَّالِّينَ عَنْ فَرَائِضِكَ، لأَنَّ مَكْرَهُمْ بَاطِلٌ.
ثانيًا: وورد كصفة حسنة:
جاء في سفر التكوين: فَقَال: "قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ". (التكوين ٢٧: ٣٥).
فإذا كانت البركة شيء محمود فأخذها شيء محمود، فالمكر هنا شيء محمود، وإذا كان المكر عندهم مذموم مطلقًا؛ فإن هذا سبة في يعقوب الذي أخذ بركة أبيه بدلًا من أخيه مكرًا.