للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوى ثيابه - قال محمد ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة" (١).

ثالثًا: علم الملائكة:

والملائكة عندهم علم وفير علمهم الله إياه، ولكن ليس عندهم القدرة التي أعطيت للإنسان في التعرف على الأشياء: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)} [البقرة: ٣١، ٣٢]، فالإنسان يتميز بالقدرة على معرفة الأشياء واكتشاف سنن الكون، والملائكة يعلمون ذلك بالتلقي المباشر عن الله سبحانه وتعالى.

رابعًا: مُنَظَّمون في كل شؤونهم:

الملائكة منظمون في عبادتهم لله تعالى، وقد حثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الاقتداء بهم في ذلك، فعن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة قال: ثم خرج علينا فرآنا حلقًا فقال: ما لي أراكم عزين؟ قال: ثم خرج علينا فقال: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصفوف الأُول ويتراصون في الصف" (٢).

وفي يوم القيامة يأتون صفوفًا منتظمة: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢] ويقفون صفوفًا بين يدي الله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ


(١) صحيح مسلم (٢٤٠١).
(٢) مسلم (٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>