ولو قلنا بزعمكم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل في سحره أمورا من الوحي وما شابه ذلك. فكيف يقر رب العالمين بذلك والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال الله عنه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤]، والله تعالى قد قال في آية جامعة {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: ٤٤ - ٤٦].
فكيف يتوعد بهذا ويقر بزعمكم أنه كان بقول في حال سحره في الوحي ما يقول.
[وفي قصة سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير من أدلة نبوته - صلى الله عليه وسلم - وذلك]
كيف عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الذي سحره هو لبيد بن الأعصم وأن السحر موجود في مكان كذا وكذا لو لم يكن نبيًا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أرسل أصحابه ليخرجوا السحر من المكان الذي وضع فيه أو قصة إخبار الملائكة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بموضع ومكان السحر لم يذكرها هؤلاء الضالون فهم انتقائيون في اختيار موادهم.
لقد فك الرسول - صلى الله عليه وسلم - السحر بقراءة المعوذتين وهذا دليل على أن المعوذتين كلام الله - عز وجل - وأن محمدًا نبي موحى إليه.
هذه القصة دليل على كذب من قال عن السنة النبوية قد وضعها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليثبتوا أنه نبي وأنه كامل في كل صفاته فلو كان كلامهم صحيحًا لكان هذا الحديث أول شيء يحذفه الصحابة من السنة لأنه في ظاهره لمن لم يتدبره ويفهمه ينقص من قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - على حد زعمهم.
[الوجه السادس: الرد على قولهم أنه حديث آحاد.]
أولًا: الحديث وصل حد الشهرة:
فقد جاء عن عائشة وزيد بن أرقم وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك - رضي الله عنه -.
لو انفردت به عائشة وحدها لا يضر وحديث الآحاد إذ صح سنده وسلم من المعارضة معمول به عند طوائف الأمة.
ثانيًا: هشام بن عروة لم ينفرد بالحديث:
كما جاء في رواية البخاري (٥٧٦٥).
وقول الحافظ بعدها: وظاهره أن غير هشام أيضًا رواه عن عروة.
[ثالثا: إجماع أهل العلم بالحديث على تلقيه بالقبول كما سبق بيانه]
رابعًا: على التسليم - بزعمهم - أنه حديث آحاد: