للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهة الخامسة: شبهات حول تخطئة ابن عباس، وعائشة للكُتاب.

المبحث الأول: تخطئة ابن عباس للكُتاب.

وفي ذلك شبهات:

الأولى: يقولون: ألا يكفي في الطعن على جمع القرآن ورسمه، ما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} أنه قال: إن الكاتب أخطأ والصواب: حتى تستأذنوا.

والجواب على ذلك من رد إجمالي ووجوه.

الرد الإجمالي: دفع عام عن ابن عباس - رضي الله عنه -.

كل ما روي عن ابن عباس في تلك الشبهات يمكن دفعه دفعًا عامًا بأن ابن عباس قد أخذ القرآن عن زيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وهما كانا في جمع المصاحف. وزيد بن ثابت كان في جمع أبي بكر أيضًا. وكان كاتب الوحي، وكان يكتب ما يكتب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإقراره. وابن عباس كان يعرف ذلك ويوقن به، فمحال إذن أن ينطق لسانه بكلمة تحمل رائحة اعتراض على جمع ورسم القرآن، وإلا فكيف يأخذه عن زيد وأبي بن كعب ثم يعترض على جمعهما ورسمهما؟ ! (١).

وإليك الوجوه:

[الوجه الأول: أن هذا كان على سبيل التفسير.]

عن ابن عباس أنه فسر {تَسْتَأْنِسُوا} فقال: أي تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها يعني أصحاب البيوت (٢).

[الوجه الثاني: المقصود بالخطأ عدم اختيار الأولى.]

أجاب ابن أشته عن جميع ذلك بأن المراد: الخطأ في الاختيار، وترك ما هو الأولى بحسب ظنه - رضي الله عنه - لجميع الناس عليه من الأحرف السبعة؛ لأن الذي كُتب خطأ خارج عن القرآن.


(١) مناهل العرفان ١/ ٣٢٧.
(٢) صحيح. أخرجه الطبري في التفسير ١٩/ ١٤٥، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٣٠، وغيرهما من طرق عن ابن عباس به. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري ١٧/ ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>